الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2140 [ ص: 25 ] 3 - باب: أي الجوار أقرب؟

                                                                                                                                                                                                                              2259 - حدثنا حجاج، حدثنا شعبة ح. وحدثني علي بن عبد الله، حدثنا شبابة، حدثنا شعبة، حدثنا أبو عمران قال: سمعت طلحة بن عبد الله، عن عائشة رضي الله عنها: قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: " إلى أقربهما منك بابا". [2595، 6020 - فتح: 4 \ 438]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا حجاج، ثنا شعبة ح وحدثني علي، ثنا شبابة، ثنا شعبة، ثنا أبو عمران قال: سمعت طلحة بن عبد الله، عن عائشة : قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: "إلى أقربهما منك بابا".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث من أفراده، وحجاج هو ابن منهال السلمي مولاهم البصري الأنماطي أبو محمد مات سنة سبع عشرة ومائتين، وعلي قيل: هو ابن سلمة بن عقبة أبو الحسن القرشي اللبقي مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. كذا بخط الدمياطي وسبقه به ابن طلحة فقال: يقال: هو ابن سلمة، وكذا قاله الكلاباذي وغيره، وقال الجياني : نسبه ابن السكن: ابن عبد الله . وهو ضعيف عندي.

                                                                                                                                                                                                                              وشبابة: هو ابن موار مات سنة ست ومائتين. [ ص: 26 ]

                                                                                                                                                                                                                              وأبو عمران: هو عبد الملك بن حبيب الجوني البصري، مات سنة ثماني وعشرين ومائة.

                                                                                                                                                                                                                              قال الدارقطني : في رواية سليمان بن حرب، عن شعبة : طلحة بن عبيد الله الخزاعي، وقال الحارث بن عبيد عن أبي عمران الجوني عن طلحة، ولم ينسبه. وقال أبو داود، سليمان بن الأشعث : قال شعبة في هذا الحديث: عن طلحة رجل من قريش.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الإسماعيلي : قال يحيى بن يونس : عن شعبة أخبرني أبو عمران سمع طلحة عن عائشة . قال شعبة : وأظنه سمعه من عائشة، ولم يقل: سمعته منها.

                                                                                                                                                                                                                              وقولها: (أهدي) هو بضم الهمزة من أهديت الهدية، وإنما أمر بالهدية إلى من قرب بابه؛ لأنه ينظر ما يدخل دار جاره وما يخرج منها، فإذا رأى ذلك أحب أن يشاركه فيه، وأنه أسرع إجابة لجاره عندما ينوبه من حاجة إليه في أوقات الغفلة والغرة، فلذلك بدئ به على من بعد بابه وإن كانت داره أقرب.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث دال على أن اسم الجار يقع على غير الملاصق؛ لأنه قد يكون له جار ملاصق، وبابه من سكة غير سكته وله جار بينه وبين بابه قدر ذراعين وليس بملاصق وهو أدناهما بابا، وقد خرج أبو حنيفة عن ظاهر الحديث، فقال: إن الجار اللزيق إذا ترك الشفعة وطلبها الذي بجنبه وليس له حد إلى الدار ولا طريق لا شفعة له.

                                                                                                                                                                                                                              وعوام العلماء يقولون: إذا أوصى الرجل بجيرانه أعطي اللزيق وغيره، إلا أبا حنيفة فإنه فارق عوام العلماء، وقال: لا يعطى [ ص: 27 ] إلا اللزيق وحده، وكان الأوزاعي يقول: الجار أربعون دارا من كل جانب وقاله ابن شهاب وأصحابنا والحسن وأبو قلابة، وقال علي: من سمع النداء فهو جار.

                                                                                                                                                                                                                              ولابن حزم من حديث عائشة أنها قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حق الجوار؟ قال: "أربعون ذراعا". ثم قال: ساقط.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "مراسيل أبي داود " عن ابن شهاب رفعه: "أربعون دارا جار".

                                                                                                                                                                                                                              قال يونس : قلت لابن شهاب وكيف أربعون دارا؟ قال: أربعون عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه.

                                                                                                                                                                                                                              وقال آخرون - فيما حكاه ابن حزم -: هو كل من صلى معكم صلاة الصبح في المسجد. وقال بعضهم: هم أهل المدينة كلهم جيران، ولا حجة في حديث الباب لمن أوجب الشفعة بالجوار؛ لأن عائشة إنما سألت عمن تبدأ به من جيرانها في الهدية، فأخبرها أنه من قرب بابه أولى بها من غيره، فدل بهذا أنه أولى بحقوق الجوار وكرم العشرة والبر ممن هو أبعد منه بابا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية