الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        سابقوا إلى مغفرة من ربكم [21] أي سابقوا بالأعمال التي [ ص: 363 ] توجب المغفرة إلى مغفرة من ربكم ( وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) قال أبو جعفر : قد تكلم قوم من العلماء في معنى هذا فمنهم من قال : العرض ههنا السعة ومنهم من قال : هو مثل الليل والنهار إذا ذهبا فالله جل وعز أعلم أين يذهبان ، وأجاب بهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومنهم من قال : هذه هي الجنة التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة ، والسماء مؤنثة ذكر ذلك الخليل رحمه الله وغيره من النحويين سوى الفراء وبذلك جاء القرآن ( إذا السماء انشقت ) و( إذا السماء انفطرت ) وحكى الفراء أنها تؤنث وتذكر وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                        فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالسماء مع السحاب



                                                                                                                                                                                                                                        وهذا البيت لو كان حجة لحمل على غير هذا ، وهو أن يكون يحمل على تذكير الجميع ذكر محمد بن يزيد : أن سماء تكون جمعا لسماوة وأنشد هو وغيره :


                                                                                                                                                                                                                                        سماوة الهلال حتى احقوقفا



                                                                                                                                                                                                                                        ويدل على صحة هذا قوله جل وعز : ( ثم استوى إلى السماء فسواهن ) [ ص: 364 ] وإذا كانت السماء واحدة فتأنيثها كتأنيث عناق ، وتجمع على ستة أوجه منهن جمعان مسلمان ، وجمعان مكسران لأقل العدد ، وجمعان مكسران لأكثره ، وذلك قولك : سماوات وسماآت وأسم وأسمية وسمايا وسمي وإن شئت كسرت السين من سمي ، وقد جاء فيها آخر في الشعر كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        سماء الإله فوق سبع سمائيا



                                                                                                                                                                                                                                        فعلى هذا جمع سماء على سماء وفيه من الأشكال والنحو اللطيف غير شيء ، فمن ذلك أنه شبه سماء برسالة لأن الهاء في رسالة زائدة . ووزن فعال وفعال واحد ، فكان يجب على هذا أن يقول : سمايا فعمل شيئا آخر فجمعها على سماء على الأصل؛ لأن الأصل في خطايا خطاء ثم عمل شيئا ثالثا كان يجب أن يقول : فوق سبع سماء ، فأجرى المعتل مجرى السالم وجعله بمنزلة ما لا ينصرف من السالم ، وزاد الألف للإطلاق . والأرض مؤنثة ، وقد حكي فيها التذكير ، كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        فلا مزنة ودقت ودقها     ولا أرض أبقل إبقالها



                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وقد رد قوم هذا ، ورووا "ولا أرض أبقلت إبقالها" بتخفيف الهمزة . قال ابن كيسان : في قولهم أرضون حركوا هذه الراء لأنهم أرادوا : أرضات فبنوه على ما يجب من الجمع بالألف والتاء ، قال : وجمعوه بالواو [ ص: 365 ] والنون عوضا من حذف الهاء في واحدة ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) مبتدأ وخبره أي ذلك الفضل من التوفيق والهداية والثواب فضل الله يؤتيه من يشاء أي يؤتيه إياه من خلقه ( والله ذو الفضل العظيم ) مبتدأ وخبره .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية