الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 361 ] باب الإقرار بمشارك في الميراث

فائدة قوله ( إذا أقر الورثة كلهم ) يعني : ولو كان الوارث واحدا ( بوارث للميت ) . سواء كان من حرة ، أو أمة . نقله الجماعة . ( فصدقهم ، أو كان صغيرا ) وكذا لو كان مجنونا ( ثبت نسبه ) ولكن بشرط أن يكون مجهول النسب . ويأتي ذلك في كلام المصنف في كتاب الإقرار بأتم من هذا . ويأتي أيضا هناك : إذا أقر المريض لوارث ، وبعده : إذا أقر من عليه الولاء بوارث .

فائدة : قوله ( يعتبر إقرار الزوج والمولى المعتق ) . إذا كانا من الورثة . ولو كانت بنتا : صح ، لإرثها بفرض ورد .

قوله ( سواء كان المقر به يحجب المقر أو لا يحجبه ) . أما إذا كان لا يحجبه مطلقا ، أو كان يحجبه حجب نقصان : فلا خلاف في ذلك . وهو واضح . وأما إذا كان يحجبه حجب حرمان ، فالصحيح من المذهب : أن المقر به يرث إذا ثبت النسب . اختاره ابن حامد ، والقاضي . وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والحاوي ، والمغني ، والشرح ، ونصراه . وقدمه في الفروع ، والرعايتين . وقد شمله كلام المصنف في قوله ( ثبت نسبه وإرثه ) . وقيل : لا يرث مسقط . اختاره أبو إسحاق . وذكره الأزجي عن أصحابنا غير القاضي . وقال : إنه الصحيح . [ ص: 362 ] فعلى هذا : هل يقر نصيب المقر به بيد المقر ، أو ببيت المال ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الفروع ، والفائق ، والرعاية الكبرى . وهو الذي خرجها . قلت : الصواب : أنه يقر بيد المقر . وهي شبيهة بما إذا أقر لكبير عاقل بمال فلم يصدقه . على ما يأتي في آخر كتاب الإقرار .

تنبيه :

مراده بقوله ( وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه ) . إذا كان البعض الذي لم يقر وارثا . أما إذا كان المنكر لا يرث لمانع به كالرق ونحوه فلا اعتبار بإنكاره ، ويرث . قاله في الفروع ، وغيره . قلت : الذي يظهر أنه لم يدخل في كلام المصنف . لأن قوله " وإن أقر بعضهم " يعني بعض الورثة . وهذا ليس من أهل الورثة . للمانع الذي به .

قوله ( وإن أقر بعضهم : لم يثبت نسبه ) . يعني مطلقا . بل يثبت نسبه من المقرين الوارثين . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيره . وقيل : لا يثبت . جزم به الأزجي ، وغيره . فلو كان المقر به أخا ، ومات المقر عن بني عم : ورثوهم . وعلى الأول : يرثه الأخ . وهل يثبت نسبه من ولد المقر المنكر له تبعا ، فتثبت العمومة ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الفروع ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، في كتاب الإقرار . وظاهر ما قدمه في الرعايتين ، والحاوي : أنه يثبت . فإنهما قالا : ويثبت نسبه وإرثه ، من المقر لو مات . وقيل : لا يثبتان . انتهى . وصححه في التلخيص . وفي الانتصار خلاف ، مع كونه أكبر سنا من أبي المقر ، أو معروف النسب . انتهى . [ ص: 363 ] ولو مات المقر ، وخلفه ، والمنكر : فإرثه بينهما . فلو خلفه فقط : ورثه . وذكر جماعة إقراره له كوصية . فيأخذ المال في وجه ، وثلثه في آخر . وقيل : المال لبيت المال .

قوله ( وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه ) هذا الصحيح من المذهب مطلقا . وعليه الأصحاب . وقطع به الأكثر . وعنه : إن أقر اثنان منهم على أبيهما بدين ، أو نسب : ثبت في حق غيرهم إعطاء له حكم وشهادة وإقرار . وفي اعتبار عدالتهما الروايتان . قاله في الفروع . قال في الفائق : في ثبوت النسب والإرث ، بدون لفظ الشهادة : روايتان . وهما بإقراره بدين على الميت . قال القاضي : وكذلك يخرج في عدالتهما . ذكره أبو الحسين في التمام .

قوله ( إلا أن يشهد منهم عدلان : أنه ولد على فراشه ، أو أن الميت أقر به ) . وكذا لو شهد أنه ولده . فإنه يثبت نسبه وإرثه . بلا نزاع .

فائدة : لو صدقه بعض الورثة إذا بلغ ، أو عقل : ثبت نسبه ، فلو مات وله وارث غير المقر : اعتبر تصديقه ، وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية