الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى بعد أن فصل بين الكفار والمؤمنين ذكر عظم حرمة البيت وعظم كفر هؤلاء فقال : ( إن الذين كفروا ) بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ( ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ) وذلك بالمنع من الهجرة والجهاد لأنهم كانوا يأبون ذلك . وفيه إشكال وهو أنه كيف عطف المستقبل وهو قوله : ( ويصدون عن سبيل الله ) على الماضي وهو قوله : ( كفروا ) والجواب عنه من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه يقال : فلان يحسن إلى الفقراء ويعين الضعفاء لا يراد به حال ولا استقبال وإنما يراد استمرار وجود الإحسان منه في جميع أزمنته وأوقاته ، فكأنه قيل : إن الذين كفروا من شأنهم الصد عن سبيل الله ، ونظيره قوله : ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) [ الرعد : 28 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيهما : قال أبو علي الفارسي : التقدير : إن الذين كفروا فيما مضى وهم الآن يصدون ويدخل فيه أنهم يفعلون ذلك في الحال والمستقبل ، أما قوله : ( والمسجد الحرام ) يعني : ويصدوهم أيضا عن المسجد الحرام ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت الآية في أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية عن المسجد الحرام عن أن يحجوا ويعتمروا وينحروا الهدي ، فكره [ ص: 22 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالهم وكان محرما بعمرة ثم صالحوه على أن يعود في العام القابل .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية