الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الدعوى في اشتراء السلعة الغائبة قلت : أرأيت إن اشتريت سلعة قد كنت رأيتها أو سلعة موصوفة فماتت قبل أن أقبضها فادعى البائع أنها ماتت بعد الصفقة وادعى المشتري أنها ماتت قبل الصفقة . قال : في قول مالك الأول : هي من البائع إلا أن يأتي بالبينة أنها ماتت بعد الصفقة ، فإن لم تكن له بينة حلف المبتاع على علمه أنها لم تمت بعد وجوب البيع إذا ادعى البائع أن المبتاع قد علم أنها ماتت بعد وجوب البيع ، فإن لم يدع البائع أن المبتاع قد علم أنها ماتت بعد وجوب البيع فلا يمين للبائع على المبتاع وهي من البائع .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن اشتراها بصفة أو كان قد رآها ثم ماتت قبل أن يقبض فقال البائع : ما أدري متى ماتت أقبل البيع أو بعد البيع وقال المبتاع ذلك أيضا ؟ قال : قال مالك : هي من البائع في هذا الوجه في قول مالك الأول ، وأما الآخر فهي على كل حال من البائع حتى يقبضها المشتري .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اشتريت سلعة قد رأيتها وأعلمت البائع أني قد رأيتها فاشتريتها منه على غير صفة فلما رأيتها قلت : ليست على الصفة التي رأيتها وقال البائع : هي على الصفة التي رأيتها من ترى القول قوله في ذلك ؟ قال : القول قول البائع وعليه اليمين إلا أن يأتي المبتاع بالبينة على أنها يوم رآها هي على خلاف يوم اشتراها وذلك أني سمعت من مالك ونزلت بالمدينة في رجل أوقف جارية بالسوق وبرجلها ورم فتسوق بها وسام بها رجل ثم انصرف بها ولم يبعها ، فأقامت عنده أياما ثم لقيه رجل فقال : ما فعلت جاريتك ؟ قال : هي عندي ، قال : فهل لك أن تبيعني إياها ؟ قال : نعم فباعها إياه على الورم الذي قد عرفه منها فلما وجب البيع بينهما بعث الرجل إلى الجارية فأتى بها ولم تكن حاضرة حين اشتراها فقال المشتري : ليست على حال ما كنت رأيتها وقد ازداد ورمها ، فقال مالك يلزم المشتري ، ومن يعلم ما يقول وهو مدع إلا أن يكون له بينة على ما ادعى ، وعلى البائع اليمين فمسألتك مثل هذه . [ ص: 265 ] وقال أشهب : لا يؤخذ المشتري بغير ما أقر به على نفسه والبائع المدعي لأن المشتري جاحد والبائع يريد أن يلزمه ما جحد .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية