الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 368 ] باب ميراث القاتل

قوله ( كل قتل مضمون بقصاص أو دية ، أو كفارة : يمنع القاتل ميراث المقتول ، سواء كان عمدا أو خطأ ، بمباشرة أو سبب . وسواء انفرد بقتله أو شارك ) . هذا المذهب في ذلك كله . حتى لو شربت دواء فأسقطت جنينها : لا ترث من الغرة شيئا . نص عليه . وقدمه في الفروع . وقيل : من أدب ولده فمات بذلك : لم يرثه وجزم به في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، والفائق . وقدمه في الرعاية الكبرى . واختار فيها كالمذهب . وقيل : إن سقاه دواء ، أو فصده ، أو بط سلعته لحاجته : فوجهان . وأن في الحافر احتمالين . ومثله : نصب سكين ، ووضع حجر ، ورش ماء ، وإخراج جناح . وهذا كله طريقته في الرعاية الكبرى . قال المصنف ، والشارح : لو قصد مصلحة موليه بسقي دواء ، أو بط جراح . فمات : ورثه في ظاهر المذهب . وذكر ابن أبي موسى فيه وجهين . وكذا لو أمره كبير عاقل ببط جراحة ، أو قطع سلعة . قاله المصنف ، والشارح وقالا : هذا ظاهر المذهب أيضا .

قوله ( صغيرا كان القاتل أو كبيرا ) . هذا المذهب . نص عليه . وعليه الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وذكر أبو الوفاء بن عقيل ، وأبو يعلى : أن أحد طريقي بعض أصحابنا توريث من لا قصد له ، كالصبي والمجنون . وإنما يحرم الإرث : من يتهم دون غيره . والنص خلاف ذلك . [ ص: 369 ] وحكى ابن عقيل في مفرداته ، وعمد الأدلة وجها : أن قتل الصبي والمجنون لا يمنع الإرث . قال : وهو أصح عندي .

قوله ( وما لم يضمن بشيء من هذا ، كالقتل قصاصا ، أو حدا ، أو دفعا عن نفسه ، وقتل الباغي العادل ، والعادل الباغي : فلا يمنع إذا كان القتل غير مضمون على قاتله . فإن القاتل يرث منه ) . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وهو من مفردات المذهب . واعلم أنه إذا قتل العادل الباغي : فإنه يرثه . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وصححه في الفائق ، وغيره . وعنه لا يرث اختاره ابن حامد . وهو ظاهر كلام الخرقي . وأطلقهما في المذهب ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . قال المصنف : فيخرج منه : أن كل قاتل لا يرث . واختار المصنف ، وغيره : إن جرحه العادل ، ليصير غير ممتنع : ورثه . لا إن تعمد قتله ابتداء . قال في الفروع : وهو متجه . وأما إذا قتل الباغي العادل ، فقدم المصنف : أنه لا يمنع الإرث . وهو المذهب قال في المحرر : لا يمنعه الإرث على الصحيح . قال في الفائق : لا يمنع الإرث في الأصح . قال في النظم : هذا أولى . وجزم به في الوجيز . قال الزركشي : وصححه أبو الخطاب في الهداية . وكلامه محتمل . وعنه : يمنع الإرث جزم به في التبصرة ، والترغيب ، والمذهب ، والقاضي في الجامع الصغير ، والشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما ، والمصنف في المغني في قتال أهل البغي ونصره جماعة من الأصحاب . وهو ظاهر كلام الخرقي . وأطلقهما في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع

التالي السابق


الخدمات العلمية