الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      وإن منهم أي: من اليهود المحرفين. لفريقا ككعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف، و أضرابهما. يلوون ألسنتهم بالكتاب أي: يفتلونها بقراءته فيميلونها عن المنزل إلى المحرف أو يعطفونها بشبه الكتاب. وقرئ "يلوون" بالتشديد و "يلون" بقلب الواو المضمومة همزة ثم تخفيفها بحذفها و إلقاء حركتها على ما قبلها [ ص: 52 ] من الساكن. لتحسبوه أي: المحرف المدلول عليه بقوله تعالى: يلوون إلخ... وقرئ بالياء و الضمير للمسلمين. من الكتاب أي: من جملته. وقوله تعالى: وما هو من الكتاب حال من الضمير المنصوب، أي: والحال أنه ليس منه في نفس الأمر و في اعتقادهم أيضا. ويقولون مع ما ذكر من اللي والتحريف على طريقة التصريح لا بالتورية والتعريض. هو أي: المحرف. من عند الله أي: منزل من عند الله. وما هو من عند الله حال من ضمير المبتدإ في الخبر، أي: والحال أنه ليس من عنده تعالى في اعتقادهم أيضا، وفيه من المبالغة في تشنيعهم و تقبيح أمرهم وكمال جراءتهم ما لا يخفى وإظهار الاسم الجليل، والكتاب في محل الإضمار لتهويل ما أقدموا عليه من القول. ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم كاذبون و مفترون على الله تعالى، و هو تأكيد و تسجيل عليهم بالكذب على الله و التعمد فيه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هم اليهود الذين قدموا على كعب بن الأشرف وغيروا التوراة و كتبوا كتابا بدلوا فيه صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخذت قريظة ما كتبوا فخلطوه بالكتاب الذي عندهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية