الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ( 32 ) قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ( 33 ) )

يقول تعالى ذكره : قالت ملكة سبأ لأشراف قومها : ( يا أيها الملأ أفتوني في أمري ) تقول : أشيروا علي في أمري الذي قد حضرني من أمر صاحب هذا الكتاب الذي ألقي إلي ، فجعلت المشورة فتيا .

وقوله : ( ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) تقول : ما كنت قاضية أمرا في ذلك حتى تشهدون ، فأشاوركم فيه .

كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : دعت قومها تشاورهم ( يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) يقول في الكلام : ما كنت لأقطع أمرا دونك ولا كنت لأقضي أمرا ، فلذلك قالت : ( ما كنت قاطعة أمرا ) بمعنى : قاضية .

وقوله : ( قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ) يقول تعالى ذكره : قال الملأ من قوم ملكة سبأ ، إذ شاورتهم في أمرها وأمر سليمان : نحن ذوو القوة على القتال ، والبأس [ ص: 454 ] الشديد في الحرب ، والأمر أيتها الملكة إليك في القتال وفي تركه ، فانظري من الرأي ما ترين ، فمرينا نأتمر لأمرك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : ( قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ) عرضوا لها القتال ، يقاتلون لها ، والأمر إليك بعد هذا ، ( فانظري ماذا تأمرين ) .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : كان مع ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيول مع كل قيول مئة ألف .

حدثنا عمرو بن علي ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : كان مع بلقيس مائة ألف قيل ، مع كل قيل مائة ألف .

قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا الأعمش ، قال : سمعت مجاهدا يقول : كانت تحت يد ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيول ، والقيول بلسانهم : الملك ، تحت يد كل ملك مائة ألف مقاتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية