الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 43 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ولقد صدقكم الله وعده أي وعده إياكم بالنصر بشرط التقوى والصبر، وكان كذلك حتى خالف الرماة فإن المشركين لما أقبلوا جعل الرماة يرشقونهم بالنبل والباقون يضربونهم بالسيف حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم. إذ تحسونهم بإذنه تقتلونهم، من حسه إذا أبطل حسه. حتى إذا فشلتم جبنتم وضعف رأيكم، أو ملتم إلى الغنيمة فإن الحرص من ضعف العقل. وتنازعتم في الأمر يعني اختلاف الرماة حين انهزم المشركون فقال بعضهم فما موقفنا هاهنا، وقال آخرون لا نخالف أمر الرسول فثبت مكانه أميرهم في نفر دون العشرة ونفر الباقون للنهب وهو المعني بقوله: وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون من الظفر والغنيمة وانهزام العدو، وجواب إذا محذوف وهو امتحنكم، منكم من يريد الدنيا وهم التاركون المركز للغنيمة.

                                                                                                                                                                                                                                        ومنكم من يريد الآخرة وهم الثابتون محافظة على أمر الرسول عليه السلام. ثم صرفكم عنهم ثم كفكم عنهم حتى حالت الحال فغلبوكم. ليبتليكم على المصائب ويمتحن ثباتكم على الإيمان عندها. ولقد عفا عنكم تفضلا ولما علم من ندمكم على المخالفة. والله ذو فضل على المؤمنين يتفضل عليهم بالعفو، أو في الأحوال كلها سواء أديل لهم أو عليهم إذ الابتلاء أيضا رحمة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية