الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4713 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (الباب الماضي) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص155 ،156 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (حدثنا محمد بن المثنى العنزي . "ح" وحدثنا ابن بشار . (واللفظ لابن المثنى) ، قالا : حدثنا أمية بن خالد ؛ حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب ؛ عن ابن عباس ، قال : كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواريت خلف باب . قال : فجاء فحطأني حطأة . وقال : "اذهب وادع لي معاوية" قال : فجئت ، فقلت : هو [ ص: 206 ] يأكل . قال : ثم قال لي : "اذهب فادع لي معاوية" . قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل .

                                                                                                                              فقال : "لا أشبع الله بطنه"
                                                                                                                              .

                                                                                                                              قال ابن المثنى : قلت لأمية : ما حطأني ؟ قال : قفدني قفدة) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتواريت خلف باب . قال فجاء ، فحطأني) بحاء ، ثم طاء مهملتين . وبعدها : همزة (حطأة) : بفتح الحاء ، وإسكان الطاء بعدها همزة ، وهو "الضرب باليد" مبسوطة ، بين الكتفين . وإنما فعل هذا بابن عباس ، ملاطفة وتأنيسا .

                                                                                                                              وقال : "اذهب ، ادع لي معاوية" . قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل . قال : ثم قال لي : "اذهب ، فادع لي معاوية" . قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل . فقال : "لا أشبع الله بطنه") .

                                                                                                                              قال النووي : دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم ، على معاوية : أن لا يشبع ، حين تأخر ، ففيه الجوابان السابقان ؛

                                                                                                                              أحدهما : أنه جرى على اللسان ، بلا قصد .

                                                                                                                              [ ص: 207 ] الثاني : أنه عقوبة له لتأخره .

                                                                                                                              وقد فهم مسلم "رحمه الله تعالى" وإيانا ؛ من هذا الحديث : أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه . فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره : من مناقب معاوية ، لأنه في الحقيقة يصير دعاء له . انتهى .

                                                                                                                              قلت : ليس هذا من المناقب له في شيء . بل فيه نوع إشارة إلى حرصه على الدنيا ، وأنه لا يقنع ، وقد وقع ما أشار به في حقه ، فإنه بغى على علي "رضي الله عنه" . وكان هذا البغي للدنيا ، حتى صار ملكا من ملوك الإسلام . والله أعلم .

                                                                                                                              (قال ابن المثنى : قلت لأمية : ما حطأني ؟ قال : قفدني قفدة) بقاف ، ثم فاء ، ثم دال مهملة . معناه : "صفع الرأس ، ببسط الكف ، من قبل القفا" .

                                                                                                                              وفي هذا الحديث جواز ترك الصبيان يلعبون : بما ليس بحرام .

                                                                                                                              وفيه : اعتماد الصبي : فيما يرسل فيه من دعاء إنسان ونحوه ، من حمل هدية ، وطلب حاجة ، وأشباهه .

                                                                                                                              وفيه : جواز إرسال صبي غيره ، ممن يدل عليه : في مثل هذا .

                                                                                                                              ولا يقال : هذا تصرف في منفعة الصبي ، لأن هذا قدر يسير ، ورد الشرع بالمسامحة به ، للحاجة . واطرد به العرف ، وعمل المسلمين . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية