الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 95 ] آ. (22) قوله: ضيزى : قرأ ابن كثير "ضئزى" بهمزة ساكنة، والباقون بياء مكانها. وزيد بن علي "ضيزى" بفتح الضاد والياء الساكنة. فأما قراءة العامة فيحتمل أن تكون من ضازه يضيزه إذا ضامه وجار عليه. فمعنى ضيزى أي: جائرة. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4132 - ضازت بنو أسد بحكمهم إذ يجعلون الرأس كالذنب



                                                                                                                                                                                                                                      وعلى هذا فتحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون صفة على فعلى بضم الفاء، وإنما كسرت الفاء لتصح الياء كبيض. فإن قيل: وأي ضرورة إلى أن نقدر أصلها ضم الفاء؟ ولم لا قيل: بأنها فعلى بالكسر؟ فالجواب أن سيبويه حكى أنه لم يرد في الصفات فعلى بكسر الفاء إنما ورد بضمها نحو: حبلى وأنثى وربى وما أشبهه. إلا أنه قد حكى غيره في الصفات ذلك، حكى ثعلب: "مشية حيكى"، ورجل كيصى. وحكى غيره: أمرأة عزهى، وامرأة سعلى، وهذا لا ينقض لأن [ ص: 96 ] سيبويه يقول: حيكى وكيصى كقوله في "ضيزى" لتصح الياء، وأما عزهى وسعلى فالمشهور فيهما: سعلاة وعزهاة.

                                                                                                                                                                                                                                      والوجه الثاني: أن تكون مصدرا كذكرى، قال الكسائي: يقال: ضاز يضيز ضيزى، كذكر يذكر ذكرى. ويحتمل أن يكون من ضأزه بالهمز كقراءة ابن كثير، إلا أنه خفف همزها، وإن لم يكن من أصول القراء كلهم إبدال مثل هذه الهمزة ياء لكنها لغة التزمت فقرؤوا بها، ومعنى ضأزه يضأزه بالهمز: نقصه ظلما وجورا، وهو قريب من الأول. وممن جوز أن تكون الياء بدلا من همزة أبو عبيد، وأن يكون أصلها ضوزى بالواو لأنه سمع ضازه يضوزه ضوزى، وضازه يضيزه ضيزى، وضأزه يضأزه ضأزا، حكى ذلك كله الكسائي، وحكى أبو عبيد ضزته وضزته بكسر الفاء وضمها. وكسرت الضاد من ضوزى لأن الضمة ثقيلة مع الواو، وفعلوا ذلك ليتوصلوا به إلى قلب الواو ياء، وأنشد الأخفش على لغة الهمز:


                                                                                                                                                                                                                                      4133 - فإن تنأ عنا ننتقصك وإن تغب     فسهمك مضؤوز وأنفك راغم



                                                                                                                                                                                                                                      و"ضئزى" في قراءة ابن كثير مصدر وصف به، ولا يكون وصفا أصليا لما تقدم عن سيبويه . فإن قيل: لم لا قيل في "ضئزى" بالكسر والهمز: إن أصله ضئزى بالضم فكسرت الفاء كما قيل فيها مع الياء؟ فالجواب: أنه لا موجب هنا للتغيير; إذ الضم مع الهمز لا يستثقل [ ص: 97 ] استثقاله مع الياء الساكنة، وسمع منهم "ضوزى" بضم الضاد مع الواو أو الهمزة.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قراءة زيد فتحتمل أن تكون مصدرا وصف به كدعوى، وأن تكون صفة كسكرى وعطشى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية