الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أم ما يشركون ( 59 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( قل ) يا محمد ( الحمد لله ) على نعمه علينا ، وتوفيقه إيانا لما وفقنا من الهداية ، ( وسلام ) يقول : وأمنة منه من عقابه الذي عاقب به قوم لوط ، وقوم صالح ، على الذين اصطفاهم ، يقول : الذين اجتباهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فجعلهم أصحابه ووزراءه على الدين الذي بعثه بالدعاء إليه دون المشركين به ، الجاحدين نبوة نبيه .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا طلق ، يعني ابن غنام ، عن ابن ظهير ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس : ( وسلام على عباده الذين اصطفى ) قال : أصحاب محمد اصطفاهم الله لنبيه .

حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، قال : قلت لعبد الله بن المبارك : [ ص: 483 ] أرأيت قول الله ( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ) من هؤلاء ؟ فحدثني عن سفيان الثوري ، قال : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله : ( آلله خير أم ما يشركون ) يقول تعالى ذكره ; قل يا محمد لهؤلاء الذين زينا لهم أعمالهم من قومك فهم يعمهون : آلله الذي أنعم على أوليائه هذه النعم التي قصها عليكم في هذه السورة ، وأهلك أعداءه بالذي أهلكهم به من صنوف العذاب التي ذكرها لكم فيها خير ، أما تشركون من أوثانكم التي لا تنفعكم ولا تضركم ، ولا تدفع عن أنفسها ، ولا عن أوليائها سوءا ، ولا تجلب إليها ولا إليهم نفعا ؟ يقول : إن هذا الأمر لا يشكل على من له عقل ، فكيف تستجيزون أن تشركوا عبادة من لا نفع عنده لكم ، ولا دفع ضر عنكم في عبادة من بيده النفع والضر ، وله كل شيء ؟ ثم ابتدأ تعالى ذكره تعديد نعمه عليهم ، وأياديه عندهم ، وتعريفهم بقلة شكرهم إياه على ما أولاهم من ذلك ، فقال : ( أمن خلق السماوات والأرض ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية