الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (39-40) قوله: وأن ليس : هي المخففة أيضا. ولم يفصل هنا بينها وبين الفعل لأنه لا يتصرف. ومحلها الجر أو الرفع أو النصب لعطفها على أن قبلها، وكذلك محل وأن سعيه و يرى مبني للمفعول فيجوز أن يكون من البصرية، أي: يبصر، وأن يكون من العلمية، فيكون الثاني محذوفا، أي: يرى حاضرا، والأول أوضح. وقال مكي : "وأجاز الزجاج "يرى" بفتح الياء على إضمار الهاء، أي: سوف يراه، ولم يجزه الكوفيون لأن سعيه يصير قد عمل فيه "أن" و"يرى" وهو جائز عند المبرد وغيره; لأن دخول "أن" على "سعيه" وعملها يدل على أن الهاء المحذوفة من "يرى"، وعلى هذا جوز البصريون: "إن زيدا ضربت" بغير هاء". قلت: وهو خلاف ضعيف; توهموا أن الاسم توجه عليه عاملان مختلفان في الجنسية، وإنما قلت في الجنسية لأن رأي بعضهم أنه يعمل فعلين في معمول واحد، ومنه باب التنازع في بعض صوره نحو: قام وقعد زيد، وضربت وأكرمت عمرا، وأن يعمل عامل واحد في اسم وفي ضميره معا نحو: "زيدا ضربته" في باب الاشتغال، وهذا توهم باطل لأنا نقول "سعيه" منصوب بـ "أن"، و"يرى" متسلط على ضميره المقدر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 104 ] قلت: فظاهر هذا أنه لم يقرأ به، وقد حكى أبو البقاء أنه قرئ به شاذا، ولكنه ضعفه من جهة أخرى فقال: وقرئ بفتح الياء وهو ضعيف; لأنه ليس فيه ضمير يعود على اسم "أن" وهو السعي، والضمير الذي فيه للهاء، فيبقى الاسم بغير خبر، وهو كقولك: "إن غلام زيد قام"، وأنت تعني: قام زيد، فلا خبر لغلام. وقد وجه على أن التقدير: سوف يراه فتعود الهاء على السعي وفيه بعد. انتهى. وليت شعري كيف توهم المانع المذكور، وكيف نظره بما ذكر؟ ثم أي بعد في تقدير: سوف يرى سعي نفسه؟ وكأنه اطلع على مذهب الكوفيين في المنع إلا أن المدرك غير المدرك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية