الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (41) قوله: ثم يجزاه : يجوز فيه وجهان، أظهرهما: أن الضمير المرفوع عائد على الإنسان، والمنصوب عائد على سعيه. والجزاء مصدر مبين للنوع. والثاني: قال الزمخشري : ويجوز أن يكون الضمير للجزاء، ثم فسره بقوله "الجزاء" ، أو أبدله عنه كقوله: وأسروا النجوى الذين ظلموا . قال الشيخ :" وإذا كان تفسيرا للضمير المنصوب في "يجزاه" فعلى ماذا ينتصب، وأما إذا كان بدلا فهو من بدل الظاهر من المضمر، وهي مسألة خلاف والصحيح المنع".

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: العجب كيف يقول: فعلى ماذا ينتصب؟ وانتصابه من [ ص: 105 ] وجهين، أحدهما: - وهو الظاهر البين - أن يكون عطف بيان، وعطف البيان يصدق عليه أنه مفسر، وهي عبارة سائغة شائعة. والثاني: أن ينتصب بإضمار أعني، وهي عبارة سائغة أيضا يسمون مثل ذلك تفسيرا. وقد منع أبو البقاء أن ينتصب الجزاء الأوفى على المصدر، فقال: "الجزاء الأوفى هو مفعول "يجزاه" وليس بمصدر لأنه وصفه بالأوفى، وذلك من صفة المجزي به لا من صفة الفعل". قلت: وهذا لا يبعد عن الغلط; لأنه يلزم أن يتعدى يجزى إلى ثلاثة مفاعيل. بيانه: أن الأول قام مقام الفاعل، والثاني: الهاء التي هي ضمير السعي، والثالث: الجزاء الأوفى. وأيضا فكيف ينتظم المعنى؟ وقد يجاب عنه: بأنه أراد أنه بدل من الهاء كما تقدم نقله عن الزمخشري فيصح أن يقال: هو مفعول "يجزاه"، فلا يتعدى لثلاثة حينئذ، إلا أنه بعيد من غرضه، ومثل هذا إلغاز. وأما قوله: "والأوفى ليس من صفات الفعل" ممنوع، بل هو من صفاته مجاز، كما يوصف به المجزي به مجازا، فإن الحقيقة في كليهما منتفية، وإنما المتصف به حقيقة المجازى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية