الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [7] ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب

                                                                                                                                                                                                                                      ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى أي: من أموال محاربيها، وهو بيان للأول، ولذا لم يعطف عليه، فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون أي: الفيء الذي حقه أن يكون لمن ذكر دولة بين الأغنياء منكم أي: يتداولونه وحدهم دون من هم أحق به. أو دولة جاهلية؛ إذ كان من عوائدهم استئثار الرؤساء والأغنياء بالغنائم دون الفقراء وما آتاكم الرسول أي: من قسمة غنيمة أو فيء فخذوه وما نهاكم عنه أي: عن أخذه منها فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب أي: لمن خالفه إلى ما نهى عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5739 ] تنبيهات:

                                                                                                                                                                                                                                      الأول: قال السيوطي في "الإكليل": استدل بالآية على أن الفيء ما أخذ من الكفار بلا قتال، وإيجاف خيل وركاب، ومنه ما جلوا عنه خوفا. و (الغنيمة) ما أخذ منهم بقتال، كما تقدم في قوله: واعلموا أنما غنمتم من شيء خلافا لمن زعم أنهما بمعنى واحد، أو فرق بينهما بغير ذلك. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وكأن الذي زعم أنهما بمعنى واحد رأى أن مجمل هذه الآية بينه آية الأنفال، حتى زعم قتادة أن هذه منسوخة بتلك. قال -فيما رواه عنه ابن جرير -: كان الفيء في هؤلاء ثم نسخ ذلك سورة الأنفال فقال:

                                                                                                                                                                                                                                      واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر. وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماس: فأربعة لله وللرسول، وخمس لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل.

                                                                                                                                                                                                                                      والمسألة مبسوطة في مطولات الفروع.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: قال الزمخشري : الأجود أن يكون قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      وما آتاكم الرسول فخذوه الآية. عاما في كل ما آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عنه. وأمر الفيء داخل في عمومه.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "الإكليل": فيه وجوب امتثال أوامره ونواهيه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال العلماء: وكل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، يصح أن يقال: إنه في القرآن، أخذا من هذه الآية. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5740 ] وهذا الأخير من غلو الأثريين، والإغراق في الاستنباط.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين تعالى من أصناف من تقدم، الأحق بالعناية والرعاية، بقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية