الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سحق ]

                                                          سحق : سحق الشيء يسحقه سحقا : دقه أشد الدق ، وقيل : السحق الدق الرقيق ، وقيل : هو الدق بعد الدق ، وقيل : السحق دون الدق . الأزهري : سحقت الريح الأرض وسهكتها إذا قشرت وجه الأرض بشدة هبوبها ، وسحقت الشيء فانسحق إذا سهكته . ابن سيده : سحقت الريح الأرض تسحقها سحقا إذا عفت الآثار وانتسفت الدقاق . والسحق : أثر دبرة البعير إذا برأت وابيض موضعها . والسحق : الثوب الخلق البالي ; قال مزرد :


                                                          وما زودوني غير سحق عمامة وخمس مئ منها قسي وزائف



                                                          وجمعه سحوق ; قال الفرزدق :


                                                          فإنك ، إن تهجو تميما وترتشي     بتأبين قيس ، أو سحوق العمائم



                                                          والفعل : الانسحاق . وانسحق الثوب أسحق إذا سقط زئبره وهو جديد ، سحقه البلى سحقا ; قال رؤبة :


                                                          سحق البلى جدته فأنهجا



                                                          وقد سحقه البلى ودعك اللبس . وثوب سحق : وهو الخلق ; وقال غيره : هو الذي انسحق ولان . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه ، أنه قال : من زافت عليه دراهمه فليأت بها السوق وليشتر بها ثوب سحق ولا يحالف الناس أنها جياد ; السحق : الثوب الخلق الذي انسحق وبلي كأنه بعد من الانتفاع به . وانسحق الثوب أي خلق ; قال أبو النجم :


                                                          من دمنة كالمدجلي المسحق



                                                          وأسحق خف البعير أي مرن . والإسحاق : ارتفاع الضرع ولزوقه بالبطن . وأسحق الضرع : يبس وبلي وارتفع لبنه وذهب ما فيه ; قال لبيد :


                                                          حتى إذا يبست وأسحق حالق     لم يبله إرضاعها وفطامها



                                                          وأسحقت ضرتها : ضمرت وذهب لبنها . وقال الأصمعي : أسحق يبس ، وقال أبو عبيد : أسحق الضرع ذهب وبلي . وانسحقت الدلو : ذهب ما فيها . الأزهري : مساحقة النساء لفظ مولد . والسحق في العدو : دون الحضر وفوق السحج ; قال رؤبة :


                                                          فهي تعاطي شدة المكايلا     سحقا من الجد وسحجا باطلا



                                                          [ ص: 139 ] وأنشد الأزهري لآخر :


                                                          كانت لنا جارة ، فأزعجها     قاذورة تسحق النوى قدما



                                                          والسحق في العدو : فوق المشي ودون الحضر . وسحقت العين الدمع تسحقه سحقا فانسحق : حدرته ، ودموع مساحيق ; وأنشد :


                                                          قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا



                                                          والسحق : البعد ، وكذلك السحق مثل عسر وعسر . وقد سحق الشيء ، بالضم ؛ فهو سحيق أي بعيد ; قال ابن بري : ويقال سحيق وأسحق ; قال أبو النجم :


                                                          تعلو خناذيذ البعيد الأسحق



                                                          وفي الدعاء : سحقا له وبعدا ، نصبوه على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره . وسحقه الله أسحقه الله أي أبعده ; ومنه قوله :


                                                          قاذورة تسحق النوى قدما



                                                          وأسحق هو انسحق : بعد . ومكان سحيق : بعيد : وفي التنزيل : أو تهوي به الريح في مكان سحيق ; ويجوز في الشعر ساحق . وسحق ساحق ، على المبالغة ؛ فإن دعوت فالمختار النصب . الأزهري : لغة أهل الحجاز بعد له سحق له ، يجعلونه اسما ، والنصب على الدعاء عليه يريدون به أبعده الله ; وأسحقه سحقا وبعدا وإنه لبعيد سحيق . وقال الفراء في قوله : فسحقا لأصحاب السعير ; اجتمعوا على التخفيف ، ولو قرئت فسحقا كانت لغة حسنة ; قال الزجاج : فسحقا منصوب على المصدر أسحقهم الله سحقا أي باعدهم من رحمته مباعدة . وفي حديث الحوض : فأقول سحقا سحقا أي بعدا بعدا . ومكان سحيق : بعيد . ونخلة سحوق : طويلة ; وأنشد ابن بري للمفضل النكري :


                                                          كان جذع سحوق



                                                          وفي حديث قس : كالنخلة السحوق أي الطويلة التي بعد ثمرها على المجتني ; قال الأصمعي : لا أدري لعل ذلك مع انحناء يكون ، والجمع سحق ; فأما قول زهير :


                                                          كأن عيني في غربي مقتلة     من النواضح تسقي جنة سحقا



                                                          فإنه أراد نخل جنة فحذف إلا أن يكونوا قد قالوا جنة سحق ، كقولهم ناقة علط وامرأة عطل . الأصمعي : إذا طالت النخلة مع انجراد فهي سحوق ، وقال شمر : هي الجرداء الطويلة التي لا كرب لها ; وأنشد :


                                                          وسالفة كسحوق الليا     ن ، أضرم فيها الغوي السعر



                                                          شبه عنق الفرس بالنخلة الجرداء . وحمار سحوق : طويل مسن ، وكذلك الأتان ، والجمع سحق ; وأنشد للبيد في صفة النخل :


                                                          سحق يمتعها الصفا وسريه     عم نواعم بينهن كروم



                                                          واستعار بعضهم السحوق للمرأة الطويلة ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          تطيف به شد النهار ظعينة     طويلة أنقاء اليدين سحوق



                                                          والسوحق : الطويل من الرجال ; قال ابن بري : شاهده قول الأخطل :


                                                          إذا قلت : نالته العوالي ، تقاذفت     به سوحق الرجلين سانحة الصدر



                                                          الأصمعي : من الأمطار السحائق ، الواحدة سحيقة ، وهو المطر العظيم القطر الشديد الوقع القليل العرم ، قال : ومنها السحيفة ، بالفاء ، وهي المطرة تجرف ما مرت به . وساحوق : موضع ; قال سلمة العبسي :


                                                          هرقن بساحوق دماء كثيرة     وغادرن قبلي من حليب وحازر



                                                          عنى بالحليب الرفيع ، وبالحازر الوضيع ؛ فسره يعقوب ; وأنشد الأزهري :


                                                          وهن بساحوق تداركن ذالقا



                                                          ويوم ساحوق : من أيامهم . ومساحق : اسم . وإسحاق : اسم أعجمي ; قال سيبويه : ألحقوه ببناء إعصار . إسحاق : اسم رجل ؛ فإن أردت به الاسم الأعجمي لم تصرفه في المعرفة لأنه غير عن جهته فوقع في كلام العرب غير معروف المذهب ، وإن أردت المصدر من قولك أسحقه السفر إسحاقا أي أبعده صرفته لأنه لم يغير . والسمحوق من النخل : الطويلة ، والميم زائدة . والسمحاق : قشرة رقيقة فوق عظم الرأس بها سميت الشجة إذا بلغت إليها سمحاقا ; قال ابن بري : والسمحاق أثر الختان ; قال الراجز :


                                                          يضبط ، بين فخذه وساقه     أيرا بعيد الأصل من سمحاقه



                                                          وسماحيق السماء : القطع الرقاق من الغيم ; وعلى ثرب الشاة سماحيق من شحم ; قال الجوهري : وأرى أن الميمات في هذه الكلمات زوائد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية