الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سحل ]

                                                          سحل : السحل والسحيل : ثوب لا يبرم غزله أي لا يفتل طاقتين ، سحله يسحله سحلا . يقال : سحلوه أي لم يفتلوا سداه ; وقال زهير :


                                                          على كل حال من سحيل ومبرم



                                                          وقيل : السحيل الغزل الذي لم يبرم ؛ فأما الثوب فإنه لا يسمى سحيلا ، ولكن يقال للثوب سحل . والسحل والسحيل أيضا : الحبل الذي على قوة واحدة . والسحل : ثوب أبيض ، وخص بعضهم به الثوب من القطن ، وقيل : السحل ثوب أبيض رقيق ، زاد الأزهري : من قطن ، وجمع كل ذلك أسحال وسحول وسحل ; قال المتنخل الهذلي :


                                                          كالسحل البيض جلا لونها     سح نجاء الحمل الأسول



                                                          قال الأزهري : جمعه على سحل مثل سقف وسقف ; قال ابن بري : ومثله رهن ورهن وخطب وخطب وحجل وحجل وحلق وحلق ونجم ونجم . الجوهري : السحيل الخيط غير مفتول . والسحيل من الثياب : ما كان غزله طاقا واحدا ، والمبرم المفتول الغزل طاقين ، والمتآم ما كان سداه ولحمته طاقين طاقين ، ليس بمبرم ولا مسحل . والسحيل من الحبال : الذي يفتل فتلا واحدا كما يفتل الخياط سلكه ، والمبرم أن يجمع بين نسيجتين فتفتلا حبلا واحدا ، وقد سحلت الحبل فهو مسحول ، ويقال مسحل لأجل المبرم . وفي حديث معاوية : قال له عمرو بن مسعود ما تسأل عمن سحلت مريرته أي جعل حبله المبرم سحيلا ; والسحيل : الحبل المبرم على طاق ، والمبرم على طاقين هو المرير والمريرة ، يريد استرخاء قوته بعد شدة ; وأنشد أبو عمرو في السحيل :


                                                          فتل السحيل بمبرم ذي مرة     دون الرجال بفضل عقل راجح



                                                          وسحلت الحبل ، وقد يقال أسحلته ، فهو مسحل ، واللغة العالية سحلته . أبو عمرو : المسحلة كبة الغزل وهي الوشيعة والمسمطة . الجوهري : السحل الثوب الأبيض من الكرسف من ثياب اليمن ; قال المسيب بن علس يذكر ظعنا :


                                                          ولقد أرى ظعنا أبينها     تحدى كأن زهاءها الأثل
                                                          في الآل يخفضها ويرفعها     ريع يلوح كأنه سحل



                                                          شبه الطريق بثوب أبيض . وفي الحديث : كفن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في ثلاثة أثواب سحولية كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة ، يروى بفتح السين وضمها ؛ فالفتح منسوب إلى السحول وهو القصار لأنه يسحلها أي يغسلها أو إلى سحول قرية باليمن ، وأما الضم فهو جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي ولا يكون إلا من قطن ، وفيه شذوذ لأنه نسب إلى الجمع ، وقيل : إن اسم القرية بالضم أيضا . قال ابن الأثير : وفي الحديث : أن رجلا جاء بكبائس من هذه السحل ; قال أبو موسى : هكذا يرويه بعضهم بالحاء المهملة ، وهو الرطب الذي لم يتم إدراكه وقوته ، ولعله أخذ من السحيل الحبل ، ويروى بالخاء المعجمة ، وسيأتي ذكره . وسحله يسحله سحلا فانسحل : قشره ونحته . والمسحل : المنحت . والرياح تسحل الأرض سحلا : تكشط ما عليها وتنزع عنها أدمتها . وفي الحديث أن أم حكيم بنت الزبير أتته بكتف فجعلت تسحلها له فأكل منها ثم صلى ولم يتوضأ ; السحل : القشر والكشط ، أي تكشط ما عليها من اللحم ، ومنه قيل للمبرد مسحل ; ويروى : فجعلت تسحاها أي تقشرها ، وهو بمعناه ، وسنذكره في موضعه . والساحل : شاطئ البحر . والساحل : ريف البحر ، فاعل بمعنى مفعول لأن الماء سحله أي قشره أو علاه ، وحقيقته أنه ذو ساحل من الماء إذا ارتفع المد ثم جزر فجرف ما مر عليه . وساحل القوم : أتوا الساحل وأخذوا عليه . وفي حديث بدر : فساحل أبو سفيان بالعير أي أتى بهم ساحل البحر . والسحل : النقد من الدراهم . سحل الدراهم يسحلها سحلا : انتقدها . وسحله مائة درهم سحلا : نقده ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فبات بجمع ثم آب إلى منى      ; فأصبح رأدا يبتغي المزج بالسحل
                                                          فجاء بمزج لم ير الناس مثله     هو الضحك إلا أنه عمل النحل



                                                          قوله : يبتغي المزج بالسحل أي النقد ; وضع المصدر موضع الاسم . والسحل : الضرب بالسياط يكشط الجلد . وسحله مائة سوط سحلا : ضربه فقشر جلده . وقال ابن الأعرابي : سحله بالسوط ضربه ، فعداه بالباء ; وقوله :


                                                          مثل انسحال الورق انسحالها



                                                          يعني أن يحك بعضها ببعض . وانسحلت الدراهم إذا املاست . وسحلت الدراهم : صببتها كأنك حككت بعضها ببعض . وسحلت الشيء : سحقته . وسحل الشيء : برده . والمسحل : المبرد . والسحالة : ما سقط من الذهب والفضة ونحوهما إذا بردا وهو من سحالتهم أي خشارتهم ; عن ابن الأعرابي : وسحالة البر والشعير قشرهما إذا جردا منه ; وكذلك غيرهما من الحبوب كالأرز والدخن . قال الأزهري : وما تحات من الأرز والذرة إذا دق شبه النخالة فهي أيضا سحالة ; وكل ما سحل من شيء فما سقط منه سحالة . الليث : السحل نحتك الخشبة بالمسحل وهو المبرد والسحالة : ما تحات من الحديد وبرد من الموازين . وانسحال الناقة : إسراعها في سيرها . وسحلت العين تسحل سحلا وسحولا : صبت الدمع . وباتت السماء تسحل ليلتها أي تصب الماء . وسحل البغل والحمار يسحل ويسحل سحيلا وسحالا نهق . والمسحل : الحمار الوحشي ، وهو صفة غالبة ، وسحيله أشد نهيقه . والسحيل [ ص: 141 ] والسحال ، بالضم : الصوت الذي يدور في صدر الحمار . قال الجوهري : وقد سحل يسحل ، بالكسر ، ومنه قيل : لعير الفلاة مسحل . والمسحل : اللجام ، وقيل : فأس اللجام ، والمسحلان : حلقتان إحداهما مدخلة في الأخرى على طرفي شكيم اللجام وهي الحديدة التي تحت الجحفلة السفلى ; قال رؤبة :


                                                          لو شكيم المسحلين اندقا



                                                          والجمع المساحل ; ومنه قول الأعشى :


                                                          صددت عن الأعداء يوم عباعب     صدود المذاكي أفرعتها المساحل



                                                          وقال ابن شميل : مسحل اللجام الحديدة التي تحت الحنك ، قال : والفأس الحديدة القائمة في الشكيمة ، والشكيمة الحديدة المعترضة في الفم . وفي الحديث : أن الله عز وجل قال : لأيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام : لا ينبغي لأحد أن يخاصمني إلا من يجعل الزيار في فم الأسد والسحال في فم العنقاء ; السحال والمسحل واحد ، كما تقول منطق ونطاق ومئزر وإزار ; وهي الحديدة التي تكون على طرفي شكيم اللجام ، وقيل : هي الحديدة التي تجعل في فم الفرس ليخضع ، ويروى بالشين المعجمة والكاف ، وهو مذكور في موضعه . قال ابن سيده : والمسحلان جانبا اللحية ، وقيل : هما أسفلا العذارين إلى مقدم اللحية ، وقيل : هو الصدغ ، يقال : شاب مسحلاه ، قال الأزهري : المسحل موضع العذار في قول جندل الطهوي :


                                                          علقتها وقد ترى في مسحلي



                                                          أي في موضع عذاري من لحيتي ، يعني الشيب ، قال الأزهري : وأما قول الشاعر :


                                                          الآن لما ابيض أعلى مسحلي



                                                          فالمسحلان هاهنا الصدغان وهما من اللجام الخدان . والمسحل : اللسان . قال الأزهري : والمسحل العزم الصارم ، يقال : قد ركب فلان مسحله وردعه إذا عزم على الأمر وجد فيه ; وأنشد :


                                                          وإن عندي ، إن ركبت مسحلي     سم ذراريح رطاب وخشي



                                                          وأورد ابن سيده هذا الرجز مستشهدا به على قوله المسحل اللسان . والمسحل : الثوب النقي من القطن . والمسحل : الشجاع الذي يعمل وحده . والمسحل الميزاب الذي لا يطاق ماؤه ، والمسحل : المطر الجود ، والمسحل : الغاية في السخاء ، والمسحل : الجلاد الذي يقيم الحدود بين يدي السلطان ، والمسحل : الساقي النشيط ، والمسحل المنخل ، والمسحل : فم المزادة ، والمسحل : الماهر بالقرآن ، والمسحل : الخيط يفتل وحده ، يقال : سحلت الحبل ، فإن كان معه غيره فهو مبرم ومغار . والمسحل : الخطيب الماضي . وانسحل بالكلام : جرى به وانسحل الخطيب إذا اسحنفر في كلامه . وركب مسحله إذا مضى في خطبته . ويقال : ركب فلان مسحله إذا ركب غيه ، ولم ينته عنه ، وأصل ذلك الفرس الجموح يركب رأسه ويعض على لجامه ، وفي الحديث : أن ابن مسعود افتتح سورة النساء فسحلها أي قرأها كلها متتابعة متصلة وهو من السحل بمعنى السح والصب ، وقد روي بالجيم وهو مذكور في موضعه وقال : بعض العرب وذكر الشعر فقال : الوقف السحل قال : والسحل أن يتبع بعضه بعضا وهو السرد ، قال : ولا يجيء الكتاب إلا على الوقف . وفي حديث علي إن بني أمية لا يزالون يطعنون في مسحل ضلالة ; قال القتيبي : هو من قولهم ركب مسحله إذا أخذ في أمر فيه كلام ومضى فيه مجدا ، وقال غيره : أراد أنهم يسرعون في الضلالة ويجدون فيها . يقال : طعن في العنان يطعن ، وطعن في مسحله يطعن . يقال : يطعن باللسان ويطعن بالسنان سحله بلسانه شتمه ومنه قيل : للسان مسحل . قال ابن أحمر :


                                                          ومن خطيب ، إذا ما انساح مسحله     مفرج القول ميسورا ومعسورا



                                                          والسحال والمساحلة : الملاحاة بين الرجلين . يقال : هو يساحله أي يلاحيه . ورجل إسحلاني اللحية : طويلها حسنها ; قال سيبويه : الإسحلان صفة والإسحلانية من النساء الرائعة الجميلة الطويلة ، وشاب مسحلان ومسحلاني طويل يوصف بالطول وحسن القوام . والمسحلان والمسحلاني : السبط الشعر الأفرع والأنثى بالهاء . والسحلال : العظيم البطن ; قال الأعلم يصف ضباعا :


                                                          سود سحاليل كأن     ن جلودهن ثياب راهب



                                                          أبو زيد : السحليل الناقة العظيمة الضرع التي ليس في الإبل مثلها ; فتلك ناقة سحليل ، ومسحل : اسم رجل ; ومسحل : اسم جني . الأعشى في قوله :


                                                          دعوت خليلي مسحلا ودعوا له     جهنام جدعا للهجين المذمم



                                                          وقال الجوهري : ومسحل اسم تابعة الأعشى والسحلة مثال الهمزة الأرنب الصغرى التي قد ارتفعت عن الخرنق وفارقت أمها ; ومسحلان اسم واد ذكره النابغة في شعره فقال :


                                                          فأعلى مسحلان فحامرا



                                                          وسحول قرية من قرى اليمن يحمل منها ثياب قطن بيض تسمى السحولية ، بضم السين ، وقال ابن سيده : هو موضع باليمن تنسب إليه الثياب السحولية ، قال طرفة :


                                                          وبالسفح آيات كأن رسومها     يمان ، وشته ريدة وسحول



                                                          ريدة وسحول : قريتان ، أراد وشته أهل ريدة وسحول . والإسحل ، بالكسر : شجر يستاك ، وقيل : هو شجر يعظم ينبت بالحجاز بأعالي نجد ، قال أبو حنيفة : الإسحل يشبه الأثل ويغلظ حتى تتخذ منه الرحال ; وقال مرة : يغلظ كما يغلظ الأثل ، واحدته إسحلة ولا نظير لها إلا إجرد وإذخر وهما نبتان وإبلم وهو الخوص وإثمد ضرب من الكحل ، وقولهم لقيته ببلدة إصمت ; وقال الأزهري : الإسحل شجرة من شجر المساويك ; ومنه قول امرئ القيس :

                                                          [ ص: 142 ]

                                                          وتعطو برخص غير شثن كأنه     أساريع ظبي ، أو مساويك إسحل



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية