الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2180 [ ص: 165 ] 3 - باب: الوكالة في الصرف والميزان

                                                                                                                                                                                                                              وقد وكل عمر وابن عمر في الصرف.

                                                                                                                                                                                                                              2302 ، 2303 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب فقال: " أكل تمر خيبر هكذا؟ ". فقال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة. فقال: "لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا". وقال في الميزان مثل ذلك. [انظر: 2201، 2202 - مسلم: 1593 - فتح: 4 \ 481]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي سعيد وأبي هريرة السالف في باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه.

                                                                                                                                                                                                                              وفي آخره: وقال في الميزان مثل ذلك. وما ترجم عليه واضح، وبيع الطعام يدا بيد مثل الصرف سواء، وهو شبيهه في المعنى؛ ولذلك ترجم له بذلك، وإنما صحت الوكالة في هذا الحديث؛ لقوله - عليه السلام - لعامل خيبر: "بع الجمع بالدراهم" بعد أن كان باع على غير السنة، فلو لم يجز البيع الوكيل والناظر في المال لعرفه بذلك، وأعلمه أن بيعه مردود وإن وقع على السنة، فلما لم ينهه - عليه السلام - إلا عن الربا الذي واقعه في بيعه الصاع بالصاعين، دل ذلك أنه إذا باع على السنة لا مانع منه.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الوكالة في الصرف جائزة، فلو وكل رجل رجلا يصرف له دراهم، ووكل آخر [ ص: 166 ] يصرف له دنانير، فالتقيا وتصارفا صرفا جائزا، أنه جائز وإن لم يحضر الموكلان أو أحدهما، وكذلك إذا وكل رجل لرجلين يصرفان دراهم فليس لأحدهما أن يصرف ذلك دون صاحبه، فإن قام أحدهما عن المجلس الذي تصارفا فيه قبل تمام الصرف انتقض الصرف؛ للحديث السالف "الذهب بالفضة ربا إلا هاء وهاء".

                                                                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إن قام أحدهما قبل أن يقبض انتقض حصة الذي ذهب، وحصة الثاني جائزة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن المنذر : لم يجعل الموكل إلى أحدهما شيئا دون الآخر، ولهذا أصل في كتاب الله، قال تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما الآية. [النساء: 35]، ولا يجوز لأحد من الحكمين الأمر إلا مع صاحبه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (في الميزان مثل ذلك) يعني: أن الموزونات حكمها في الربا حكم المكيلات، وهذا عند أهل الحجاز في المطعومات التي يجري فيها الكيل والوزن، والكوفيون يجعلون علة الربا الكيل والوزن فيه وفي غيره؛ لقوله في الذهب والورق: "وزنا بوزن" وقوله في الطعام في حديث عبادة: "مدي بمدي، وكيل بكيل". [ ص: 167 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي : يعني أنه لا يجوز التمر بالتمر إلا وزنا بوزن، أو كيلا بكيل، وليس بشيء؛ لأن التمر لا يوزن، وإنما هو فيما حكمه أن يوزن، كما سلف.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية