الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 185 ] ولو قال لها : أنت طالق إن شاء الله ، أو ما شاء الله ، أو ما لم يشأ الله ، أو إلا أن يشاء الله لا يقع شيء إن وصل ، ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة طلقت ثنتين ، ولو قال : إلا ثنتين طلقت واحدة ، ولا يصح استثناء الكل من الكل ، فلو قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا وقع الثلاث وبطل الاستثناء ، ولو قال : أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعا وقع ثلاث ، ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة وواحدة بطل الاستثناء ، ولو قال : أنت طالق عشرة إلا تسعة وقعت واحدة ، ولو قال : إلا ثمانية فثنتان .

ومن أبان امرأته في مرضه ثم مات ورثته إن كانت في العدة ، وإن انقضت عدتها لم ترث .

التالي السابق


فصل

[ الطلاق بالمشيئة ]

( ولو قال لها : أنت طالق إن شاء الله ، أو ما شاء الله ، أو ما لم يشأ الله ، أو إلا أن يشاء الله لا يقع شيء إن وصل ) ، والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام : " من حلف بطلاق أو عتاق وقال [ ص: 188 ] إن شاء الله متصلا به لا حنث عليه " ولأنه تعليق بشرط لا يعلم وجوده فلا يقع بالشك ، إذ المعلق بالشرط عدم قبله ، وكذا إذا علقه بمشيئة من لا تعلم مشيئته من الخلق كالملائكة والشيطان والجن ، ويصح الاستثناء موصولا لا مفصولا لما روينا ، ولأنه إذا سكت ثبت حكم الأول ، فيكون الاستثناء أو التعليق بعده رجوعا عنه فلا يقبل ، ولو سكت قدر ما تنفس أو عطس أو تجشأ أو كان بلسانه ثقل فطال تردده ثم قال : إن شاء الله صح الاستثناء ، وإن تنفس باختياره بطل ، ولو حرك لسانه بالاستثناء صح عند الكرخي وإن لم يكن مسموعا . وقال الهندواني : لا يصح ما لم يكن مسموعا ، ولو قال : أنت طالق فجرى على لسانه إن شاء الله من غير قصد لا يقع كما لو قال : أنت طالق فجرى لسانه أو غير طالق .

ولو قال : أنت طالق ثلاثا ، وثلاثا إن شاء الله ، أو ثلاثا وواحدة إن شاء الله بطل الاستثناء ، وقالا : هو صحيح ، وكذا لو قال لعبده : أنت حر وحر إن شاء الله ، لأن الكلام واحد وإنما يتم بآخره وأنه متصل . ولأبي حنيفة أنه استثناء منقطع لأن قوله : وثلاثا أو واحدة أو حر لغو لا فائدة فيه فكان قاطعا ، ولو قال : أنت طالق واحدة وثلاثا إن شاء الله صح بالإجماع ، وكذلك أنت طالق وطالق وطالق إن شاء الله لأنه لم يتخلل بينهما كلام لغو .

( ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة طلقت ثنتين ، ولو قال : إلا ثنتين طلقت واحدة ) وأصله أن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا لأنه بيان أنه أراد بما تكلم ما وراء المستثنى .

( ولا يصح استثناء الكل من الكل ، فلو قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا وقع الثلاث وبطل الاستثناء ، ولو قال : أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعا وقع ثلاث ) عند أبي حنيفة ، وعلى قياس قولهما تقع واحدة بناء على ما تقدم .

( ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة وواحدة وواحدة بطل الاستثناء ) لأنه استثنى الكل .

( ولو قال : أنت طالق عشرة إلا تسعة وقعت واحدة ، ولو قال : إلا ثمانية فثنتان ) وأصله أنه إذا أوقع أكثر من الثلاث ثم استثنى والكلام كله صحيح فالاستثناء عامل في جملة الكلام ولا [ ص: 189 ] يكون مستثنيا من جملة الثلاث التي يصح وقوعها ، فيقع الاستثناء من جملة الكلام ، ويقع ما بقي إن كان ثلاثا أو أقل ، لأن الاستثناء يتبع اللفظ ولا يتبع الحكم .

والجملة المتلفظ بها جملة واحدة فيدخل الاستثناء عليها فيسقط ما تضمنه الاستثناء ، وتقع بقية الجملة إن كان مما يصح وقوعه .

ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة وقعت واحدة لأنه يجعل كل استثناء مما يليه ، فإذا استثنيت الواحدة من الثلاثة بقيت ثنتان ، وإذا استثنيتهما من الثلاث بقيت واحدة ، كأنه قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين ، فإن قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة تقع واحدة لأنه استثنى الواحدة من الثنتين فتبقى واحدة فيستثنيها من الثلاث يبقى ثنتان يستثنيهما من الثلاث تبقى واحدة ، وكذا لو قال : عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة تقع ثنتان لأنه استثنى السبعة من الثمانية تبقى واحدة ، ثم استثنى الواحدة من التسعة تبقى ثمانية ، ثم استثنى الثمانية من العشرة تبقى ثنتان ، وعلى هذا جميع هذا النوع ، وتقريبه أن تعقد العدد الأول بيمينك والثاني بيسارك والثالث بيمينك والرابع بيسارك ، ثم أسقط ما اجتمع في يسارك مما اجتمع بيمينك فما بقي فهو الموقع .




الخدمات العلمية