الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم [4]

                                                                                                                                                                                                                                        وأجاز النحويون جميعا الجزم بإذا وأن تجعل بمنزلة حروف المجازاة لأنها لا تقع إلا على فعل وهي تحتاج إلى جواب وهكذا حروف المجازاة ، وأنشد الفراء :


                                                                                                                                                                                                                                        واستغن ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجمل



                                                                                                                                                                                                                                        وأنشد الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                        نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد



                                                                                                                                                                                                                                        والاختيار عند الخليل وسيبويه والفراء أن لا يجزم بإذا لأن ما بعدها موقت [ ص: 433 ] فخالفت حروف المجازاة في هذا ، كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        وإذا تكون شديدة أدعى لها     وإذا يحاس الحيس يدعى جندب



                                                                                                                                                                                                                                        ( وإن يقولوا تسمع لقولهم ) لأن منطقهم كمنطق أهل الإيمان ( كأنهم خشب مسندة ) أي لا يفهمون ولا عندهم فقه ولا علم ، فهم كالخشب ، وهذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وعاصم وحمزة ، وقرأ أبو عمرو والأعمش والكسائي ( خشب) بإسكان الشين وإليه يميل أبو عبيد ، وزعم أنه لا يعرف فعلة تجمع على فعل بضم الفاء والعين . قال أبو جعفر : وهذا غلط وطعن على ما روته الجماعة وليس يخلو ذلك من إحدى جهتين إما أن يكون خشب جمع خشبة كقولهم : ثمرة وثمر فيكون غير ما قال من جمع فعلة على فعل ، أو يكون كما قال حذاق النحويين خشبة وخشاب مثل جفنة وجفان وخشاب وخشب مثل حمار وحمر أيضا فقد سمع أكمة وأكم وأكم وأجمة وأجم ، فأما خشب فقد يجوز أن يكون الأصل فيه خشبا حذفت الضمة لثقلها ، ويجوز وهو أجود أن يكون مثل أسد وأسد في المذكر . قال سيبويه ومثل خشبة وخشب بدنة وبدن ومثل مذكرة وثن ووثن قال : وهي قراءة ، وأحسب من تأول على سيبويه ، وهي قراءة يعني "كأنهم خشب" لأن قوله : وهي قراءة تضعيف لها ولكنه يريد فيما يقال : ( إن تدعون من دونه إلا [ ص: 434 ] وثنا) فهذه قراءة شاذة تروى عن ابن عباس ( يحسبون كل صيحة عليهم ) أي لجبنهم وقلة يقينهم وأنهم يبطنون الكفر كلما نزل الوحي فزعوا أن يكونوا قد فضحوا ( هم العدو ) لأن ألسنتهم معكم وقلوبهم مع الكفار فهم عين لهم وعدو بمعنى أعداء ( فاحذرهم قاتلهم الله ) أي عاقبهم فأهلكهم فصاروا بمنزلة من قتل . ( أنى يؤفكون ) أي من أين يصرفون عن الحق بعد ظهور البراهين .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية