الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      احشروا الذين ظلموا خطاب من الله تعالى للملائكة أو من الملائكة بعضهم لبعض.

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تقول الملائكة للزبانية: احشروا إلخ، وهو أمر بحشر الظالمين من أماكنهم المختلفة إلى موقف الحساب وقيل من الموقف إلى الجحيم، والسباق والسياق يؤيدان الأول وأزواجهم أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن منيع في مسنده والحاكم وصححه وجماعة من طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: أزواجهم أمثالهم الذين هم مثلهم، يحشر أصحاب الربا مع أصحاب الربا، وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر. وأخرج جماعة عن ابن عباس في لفظ أشباههم وفي آخر نظراءهم. وروي تفسير [ ص: 80 ] الأزواج بذلك أيضا عن ابن جبير ومجاهد وعكرمة ، وأصل الزوج المقارن كزوجي النعل فأطلق على لازمه وهو المماثل. وجاء في رواية عن ابن عباس أنه قال: أي نساءهم الكافرات، ورجحه الرماني. وقيل قرناءهم من الشياطين، وروي هذا عن الضحاك . والواو للعطف وجوز أن تكون للمعية. وقرأ عيسى بن سليمان الحجازي "وأزواجهم" بالرفع عطفا على ضمير ظلموا - على ما في البحر - أي وظلم أزواجهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنت تعلم ضعف العطف على الضمير المرفوع في مثله، والقراءة شاذة " وما كانوا يعبدون من دون الله " من الأصنام ونحوها، وحشرهم معهم لزيادة التحسير والتخجيل، وما قيل عام في كل معبود حتى الملائكة والمسيح وعزير - عليهم السلام - لكن خص منه البعض بقوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل ما كناية عن الأصنام والأوثان فهي لما لا يعقل فقط؛ لأن الكلام في المشركين عبدة ذلك، وقيل ما على عمومها والأصنام ونحوها غير داخلة؛ لأن جميع المشركين إنما عبدوا الشياطين التي حملتهم على عبادتها، ولا يناسب هذا تفسير " أزواجهم " بقرنائهم من الشياطين، ومع هذا التخصيص أقرب، وفي هذا العطف دلالة على أن الذين ظلموا المشركون وهم الأحقاء بهذا الوصف فإن الشرك لظلم عظيم فاهدوهم إلى صراط الجحيم فعرفوهم طريقها وأروهم إياه، والمراد بالجحيم النار ويطلق على طبقة من طبقاتها وهو من الجحمة شدة تأجج النار، والتعبير بالصراط والهداية للتهكم بهم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية