الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            35 - كتاب فضائل الصحابة.

                                                                            باب مناقب قريش .

                                                                            3844 - أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا قتيبة بن سعيد ، نا المغيرة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم، الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، تجدون من خير الناس أشد الناس كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم أيضا، عن قتيبة ، عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي .

                                                                            وقوله: "الناس تبع لقريش"، معناه تفضيل قريش على قبائل العرب وتقديمها في الإمامة والإمارة. [ ص: 58 ] .

                                                                            وقوله: "مسلمهم تبع لمسلمهم" أي: من كان مسلما فيتبعهم ولا يخرج عليهم.

                                                                            وقوله: "كافرهم تبع لكافرهم"، ليس على معنى الأول، إنما أخبر أنهم لن يزالوا متبوعين في زمان الكفر، إذ كان أمر البيت الذي هو شرفهم إليهم.

                                                                            وقوله: "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"، يريد أن من كانت له مأثرة وشرف، فإذا أسلم وفقه، فقد حاز إلى ذلك ما استفاده بحق الدين، ومن لم يسلم، فقد هدم شرفه وضيعه.

                                                                            وقوله: "تجدون من خير الناس أشد الناس كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه"، أراد أن خيارهم الذين يحذرون الإمارة، ويكرهون الولاية، حتى يقع فيه، هذا يحتمل وجهين، أحدهما: أنهم يكرهون، فإذا وقعوا فيه عن رغبة وحرص عليه، زال عنهم حسن الاختيار، كما جاء في الحديث: "ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة"، وقال: "من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين"، والآخر: أن خيار الناس يكرهون الولاية حتى يقعوا فيها، فإذا وقعوا فيها، لم يكرهوها وقاموا بحقها، وذلك لأن من كره الشيء تغافل عنه، ولم يقم بالحق الواجب فيه هذا كله معنى كلام الخطابي ، رحمه الله. [ ص: 59 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية