الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ( 83 ) )

يقول تعالى ذكره : تلك الدار الآخرة نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرا عن الحق في الأرض وتجبرا عنه ولا فسادا . يقول : ولا ظلم الناس بغير حق ، وعملا بمعاصي الله فيها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن زياد بن أبي زياد ، قال : سمعت عكرمة يقول : ( لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) قال : العلو : التجبر .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مسلم البطين ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) قال : العلو : التكبر في الحق ، والفساد : الأخذ بغير الحق .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مسلم البطين : ( للذين لا يريدون علوا في الأرض ) قال : التكبر في الأرض بغير الحق ( ولا فسادا ) أخذ المال بغير حق .

قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير : ( للذين لا يريدون علوا في الأرض ) قال : البغي .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ( للذين لا يريدون علوا في الأرض ) قال : تعظما وتجبرا ( ولا فسادا ) : عملا بالمعاصي . [ ص: 638 ]

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن أشعث السمان ، عن أبي سلمان الأعرج ، عن علي رضي الله عنه قال : إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه ، فيدخل في قوله : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) .

وقوله : ( والعاقبة للمتقين ) يقول تعالى ذكره : والجنة للمتقين ، وهم الذين اتقوا معاصي الله ، وأدوا فرائضه .

وبنحو الذي قلنا في معنى العاقبة قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( والعاقبة للمتقين ) أي الجنة للمتقين .

التالي السابق


الخدمات العلمية