الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (76) قوله: رفرف : الرفرف جمع رفرفة فهو اسم جنس. وقيل: بل هو اسم جمع، نقلهما معا مكي، وهي ما تدلى من الأسرة من عالي الثياب. وقال الجوهري: "ثياب خضر يتخذ منها المجالس، الواحدة رفرفة" واشتقاقه من رف الطائر: أي: ارتفع في الهواء. ورفرف بجناحيه: إذا نشرهما للطيران ورفرف السحاب هبوبه، ويدل على كونه جمعا وصفه بالجمع. وقال الراغب : رفيف الشجر: انتشار أغصانه. ورف الطائر: نشر جناحه، يرف بالكسر. ورف فرخه يرفه بالضم تفقده، ثم استعير للتفقد. ومنه "ماله حاف ولا راف"، أي: ماله من يحفه ويتفقده. والرفرف: المنتشر من الأوراق. وقوله: على رفرف خضر : ضرب من الثياب مشبه بالرياض. وقيل: الرفرف طرف الفسطاط والخباء الواقع على الأرض دون الأطناب والأوتاد. وذكر الحسن أنه المخاد. انتهى. وقال ابن جبير: رياض الجنة، من رف البيت إذا تنعم وحسن. وعن ابن عيينة هي الزرابي. ونعت هنا بخضر لأن اسم الجنس ينعت بالجمع كقوله: والنخل باسقات وبالمفرد. وحسن جمعه هنا [ ص: 187 ] جمع حسان. وقرأ العامة "رفرف" وقرأ عثمان بن عفان ونصر بن عاصم وعاصم والجحدري والفرقبي وغيرهم "رفارف خضر" بالجمع وسكون الضاد. وعنهم أيضا "خضر" بضم الضاد وهو إتباع للخاء. وقيل: هي لغة في جمع أفعل الصفة. وأنشد لطرفة:


                                                                                                                                                                                                                                      4198 - أيها الفتيان في مجلسنا جردوا منها ورادا وشقر



                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4199 - وما انتميت إلى خور ولا كسف     ولا لئام غداة الروع أوزاع



                                                                                                                                                                                                                                      وقرؤوا "عباقري" بكسر القاف وفتحها وتشديد الياء مفتوحة على منع الصرف. وهي مشكلة; إذ لا مانع من تنوين ياءي النسب، وكأن هذا القارئ توهم كونها في مفاعل فمنعها من الصرف. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة "وعباقري" منونا ابن خالويه وروي عن عاصم "رفارف" بالصرف. وقد يقال في من منع "عباقري" إنه لما جاوز "رفارف" الممتنع امتنع مشاكلة. وفي من صرف رفارف: [ ص: 188 ] إنه لما جاوز عباقريا المنصرف صرفه للتناسب كـ سلاسل وأغلالا كما سيأتي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو محمد المروزي وكان نحويا "خضار" كضراب بالتشديد. وأفعل وفعال لا يعرف.

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور "وعبقري" منسوب إلى عبقر، تزعم العرب أنه بلد الجن فكل ما عظموه وتعجبوا منه قالوا: هذا عبقري. وفي الحديث: "فلم أر عبقريا يفري فريه" والمراد به هنا قيل: البسط التي فيها صور وتماثيل. وقيل: هي الزرابي. وقيل: الطنافس. وقيل: الديباج. وعبقري جمع عبقرية، يعني فيكون اسم جنس، كما تقدم في رفرف. وقيل: هو واحد دال على الجمع، ولذلك وصف بحسان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية