الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( باب النون مع الصاد )

                                                          ( نصب ) ( س ) في حديث زيد بن حارثة قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مردفي إلى نصب من الأنصاب ، فذبحنا له شاة ، وجعلناها في سفرتنا ، فلقينا زيد بن عمرو ، فقدمنا له السفرة ، فقال : لا آكل مما ذبح لغير الله .

                                                          وفي رواية أن زيد بن عمرو مر برسول الله فدعاه إلى الطعام ، فقال زيد : إنا لا نأكل مما ذبح على النصب النصب ، بضم الصاد وسكونها : حجر كانوا ينصبونه في الجاهلية ، ويتخذونه صنما فيعبدونه ، والجمع : أنصاب .

                                                          وقيل : هو حجر كانوا ينصبونه ، ويذبحون عليه فيحمر بالدم .

                                                          قال الحربي : قوله ذبحنا له شاة له وجهان : أحدهما أن يكون زيد فعله من غير أمر [ ص: 61 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا رضاه ، إلا أنه كان معه فنسب إليه ، ولأن زيدا لم يكن معه من العصمة ما كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                          والثاني : أن يكون ذبحها لزاده في خروجه ، فاتفق ذلك عند صنم ، كانوا يذبحون عنده ، لا أنه ذبحها للصنم ، هذا إذا جعل النصب الصنم . فأما إذا جعل الحجر الذي يذبح عنده فلا كلام فيه ، فظن زيد بن عمرو أن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأنصابها فامتنع لذلك . وكان زيد يخالف قريشا في كثير من أمورها . ولم يكن الأمر كما ظن زيد .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث إسلام أبي ذر فخررت مغشيا علي ثم ارتفعت كأني نصب أحمر يريد أنهم ضربوه حتى أدموه ، فصار كالنصب المحمر بدم الذبائح .

                                                          ومنه شعر الأعشى يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - :

                                                          وذا النصب المنصوب لا تعبدنه ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

                                                          يريد الصنم . وقد تكرر في الحديث .

                                                          وذات النصب : موضع على أربعة برد من المدينة .

                                                          ( س ) وفي حديث الصلاة لا ينصب رأسه ولا يقنعه أي لا يرفعه . كذا في سنن أبي داود . والمشهور لا يصبي ويصوب . وقد تقدما .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عمر " من أقذر الذنوب رجل ظلم امرأة صداقها ، قيل لليث : أنصب ابن عمر الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : وما علمه لولا أنه سمعه منه ؟ " أي أسنده إليه ورفعه . والنصب : إقامة الشيء ورفعه .

                                                          [ ص: 62 ] ( س ) وفيه فاطمة بضعة منى ينصبني ما أنصبها أي يتعبني ما أتعبها . والنصب : التعب . وقد نصب ينصب ، ونصبه غيره وأنصبه .

                                                          ومنه حديث الدجال ما ينصبك منه وروي ما يضنيك منه من الضنا : الهزال والضعف وأثر المرض . وقد تكرر في الحديث .

                                                          وفي حديث السائب بن يزيد " كان رباح بن المعترف يحسن غناء النصب " النصب بالسكون : ضرب من أغاني العرب شبه الحداء .

                                                          وقيل : هو الذي أحكم من النشيد ، وأقيم لحنه ووزنه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث نائل مولى عثمان " فقلنا لرباح بن المعترف : لو نصبت لنا نصب العرب " قال الأصمعي : وفي الحديث كلهم كان ينصب أي يغني النصب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية