الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب موكل الربا لقول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون قال ابن عباس هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        1980 حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال رأيت أبي اشترى عبدا حجاما فسألته فقال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب موكل الربا ) أي : مطعمه والتقدير فيه كالذي قبله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لقول الله - عز وجل - : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين إلى قوله وهم لا يظلمون ) هكذا في جميع الروايات ، ووقع عند الداودي - إلى قوله - : لا تظلمون ولا تظلمون ، وفسره أي : لا تظلمون بأخذ الزيادة ولا تظلمون بأن تحبس عنكم رءوس أموالكم . ثم اعترض بما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن عباس : هذه آخر آية نزلت ) وصله المصنف في التفسير من طريق الشعبي عنه ، واعترضه الداودي فقال : هذا إما أن يكون وهما وإما أن يكون اختلافا عن ابن عباس ؛ لأن الذي أخرجه المصنف في التفسير عنه فيه التنصيص على أن آخر آية نزلت قوله تعالى : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله الآية ، قال : فلعل الناقل وهم لقربها منها . انتهى . وتعقبه ابن التين بأنه هو الواهم ؛ لأن من جملة الآيات التي أشار إليها البخاري في الترجمة قوله تعالى : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله الآية ، وهي آخر آية ذكرها لقوله إلى قوله : وهم لا يظلمون وإليها أشار بقوله : هذه آخر آية أنزلت . انتهى . وكأن البخاري أراد بذكر هذا الأثر عن ابن عباس تفسير قول عائشة : " لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 369 ] قوله : ( عن عون بن أبي جحيفة ) في رواية آدم عن شعبة " حدثنا عون " وسيأتي في أواخر أبواب الطلاق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رأيت أبي اشترى عبدا حجاما فسألته ) كذا وقع هنا ، وظاهره أن السؤال وقع عن سبب مشتراه ، وذلك لا يناسب جوابه بحديث النهي ، ولكن وقع في هذا السياق اختصار بينه ما أخرجه المصنف بعد هذا في آخر البيوع من وجه آخر عن شعبة بلفظ : " اشترى حجاما فأمر بمحاجمه فكسرت ، فسألته على ذلك " ففيه البيان بأن السؤال إنما وقع عن كسر المحاجم ، وهو المناسب للجواب . وفي كسر أبي جحيفة المحاجم ما يشعر بأنه فهم أن النهي عن ذلك على سبيل التحريم فأراد حسم المادة ، وكأنه فهم منه أنه لا يطيع النهي ولا يترك التكسب بذلك فلذلك كسر محاجمه ، وسيأتي الكلام على كسب الحاجم بعد أبواب ، ونذكر هناك بقية فوائده ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ونهى عن الواشمة والموشومة ) أي : نهى عن فعلهما ؛ لأن الواشم والموشوم لا ينهى عنهما وإنما ينهى عن فعلهما .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وآكل الربا وموكله ) هكذا وقع في هذه الرواية معطوفا على النهي عن الوشمة ، والجواب عنه كالذي قبله ، ثم ظهر لي أنه وقع في هذه الرواية تغيير فأبدل اللعن بالنهي ، فسيأتي في أواخر البيوع ، وفي أواخر الطلاق بلفظ : " ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله " والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية