الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي

                                                                                                                1306 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاء رجل فقال يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر فقال اذبح ولا حرج ثم جاءه رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال ارم ولا حرج قال فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب جواز تقديم الذبح على الرمي والحلق على الذبح وعلى الرمي

                                                                                                                وتقديم الطواف عليها كلها

                                                                                                                قوله : ( يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر ، فقال : اذبح ولا حرج ، ثم جاءه رجل آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ولا حرج ، فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج ) وفي رواية ( فما سمعته سئل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء ويجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض وأشباهها إلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افعلوا ذلك ولا حرج ) وفي رواية : حلقت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج وفي رواية قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير ، فقال : لا حرج .

                                                                                                                قد سبق في الباب قبله أن أفعال يوم النحر أربعة : رمي جمرة العقبة ، ثم الذبح ، ثم الحلق ، ثم طواف الإفاضة . وأن السنة ترتيبها هكذا ، فلو خالف وقدم بعضها على بعض جاز ولا فدية عليه لهذه الأحاديث ، وبهذا قال جماعة من السلف ، وهو مذهبنا ، وللشافعي قول ضعيف أنه إذا قدم الحلق على الرمي والطواف لزمه الدم بناء على قوله الضعيف : أن الحلق ليس بنسك ، وبهذا القول هنا قال أبو حنيفة ومالك ، وعن سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وقتادة ، ورواية شاذة عن ابن عباس أنه من قدم بعضها على بعض لزمه دم . وهم محجوجون بهذه الأحاديث ، فإن تأولوها على أن المراد نفي الإثم وادعوا أن تأخير بيان الدم يجوز ، قلنا : ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا حرج ) أنه لا شيء عليك مطلقا ، وقد صرح في بعضها بتقديم الحلق على الرمي كما قدمناه ، وأجمعوا على أنه لو نحر قبل الرمي لا شيء عليه ، واتفقوا على أنه لا فرق بين العامد والساهي في ذلك في وجوب الفدية وعدمها ، وإنما يختلفان في الإثم عند من يمنع التقديم . والله أعلم .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( اذبح ولا حرج ارم ولا حرج ) معناه : افعل ما بقي عليك وقد أجزأك [ ص: 428 ] ما فعلته ، ولا حرج عليك في التقديم والتأخير .




                                                                                                                الخدمات العلمية