الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (19) قوله: لا يصدعون : يجوز أن تكون مستأنفة أخبر عنهم بذلك، وأن تكون حالا من الضمير في "عليهم" ومعنى لا يصدعون عنها أي: بسببها. قال الزمخشري : "وحقيقته: لا يصدر صداعهم عنها"، والصداع: هو الداء المعروف الذي يلحق الإنسان في رأسه، والخمر تؤثر فيه. قال علقمة بن عبدة في وصف الخمر:


                                                                                                                                                                                                                                      4210 - تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها ولا يخالطها في الرأس تدويم



                                                                                                                                                                                                                                      ولما قرأت هذا الديوان على الشيخ أثير الدين أبي حيان رحمه الله قال لي: هذه صفة خمر الجنة. وقال لي: لما قرأته على الشيخ أبي جعفر ابن الزبير قال لي: هذه صفة خمر الجنة. وقيل: لا يصدعون: لا يفرقون كما يتفرق الشرب عن الشراب للعوارض [ ص: 201 ] الدنيوية. ومن مجيء تصدع بمعنى تفرق قوله: "فتصدع السحاب عن المدينة"، أي: تفرق. ويرجحه قراءة مجاهد "لا يصدعون" بفتح الياء وتشديد الصاد. والأصل: يتصدعون، أي: يتفرقون كقوله تعالى: يومئذ يصدعون . وحكى الزمخشري قراءة وهي "لا يصدعون" بضم الياء وتخفيف الصاد وكسر الدال مشددة. قال: أي لا يصدع بعضهم بعضا، أي: لا يفرقونهم. وتقدم الخلاف بين السبعة في "ينزفون" وتفسير ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن أبي إسحاق بفتح الياء وكسر الزاي من نزف البئر، أي: استقي ما فيها. والمعنى: لا تنفد خمرهم. قال الشيخ : " وابن أبي إسحاق أيضا، وعبد الله والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى، بضم الياء وكسر الزاي أي: لا يفنى لهم شراب". قلت: وهذا عجيب منه فإنه قد تقدم في الصافات أن الكوفيين يقرؤون في الواقعة بكسر الزاي، وقد نقل هو هذه القراءة في قصيدته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية