الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4490 ) مسألة قال : ( وإن قال : سكناها لك عمرك . كان له أخذها أي وقت أحب ; لأن السكنى ليست كالعمرى والرقبى ) أما إذا قال : سكنى هذه الدار لك عمرك ، أو اسكنها عمرك . أو نحو ذلك ، فليس ذلك بعقد لازم ; لأنه في التحقيق هبة المنافع ، والمنافع إنما تستوفى بمضي الزمان شيئا فشيئا ، فلا تلزم إلا في قدر ما قبضه منها واستوفاه بالسكنى . وللمسكن الرجوع متى شاء ، وأيهما مات بطلت الإباحة

                                                                                                                                            وبهذا قال أكثر العلماء ، وجماعة أهل الفتوى ، منهم ; الشعبي ، والنخعي ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وروي معنى ذلك عن حفصة . وقال الحسن ، وعطاء ، وقتادة : هي كالعمرى ، تكون له ولعقبه ; لأنها في معنى العمرى ، فيثبت فيها مثل حكمها . وحكي عن الشعبي

                                                                                                                                            أنه إذا قال : هي لك ، اسكن حتى تموت . فهي له حياته وموته . وإن قال : داري هذه اسكنها حتى تموت . فإنها ترجع إلى صاحبها ; لأنه إذا قال : هي لك . فقد جعل له رقبتها ، فتكون عمرى . فإذا قال : اسكن داري هذه . فإنما جعل له نفعها دون رقبتها ، فتكون عارية . ولنا أن هذا إباحة المنافع ، فلم يقع لازما كالعارية . وفارق العمرى فإنها هبة للرقبة . فأما إذا قال : هذه لك ، اسكنها حتى تموت . فإنه يحتمل لك سكناها حتى تموت . وتفسيرها بذلك دليل على أنه أراد السكنى ، فأشبه ما لو قال : هذه لك سكناها .

                                                                                                                                            وإذا احتمل أن يريد به الرقبة ، واحتمل أن يريد السكنى ، فلا نزيل ملكه بالاحتمال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية