الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4839 [ ص: 501 ] باب العزم في الدعاء، ولا يقل إن شئت

                                                                                                                              ومثله في النووي .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 7 جـ 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم في الدعاء فإن الله صانع ما شاء لا مكره له ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه؛ (قال: قال النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم: لا يقولن أحدكم: اللهم ! اغفر لي إن شئت، اللهم! ارحمني إن شئت) .

                                                                                                                              هل النهي للتحريم، أو للتنزيه؟ خلاف. وحمله النووي على الثاني.

                                                                                                                              (ليعزم المسألة في الدعاء، فإن الله صانع ما شاء. لا مكره له) .

                                                                                                                              وفي لفظ: "لا مستكره له".

                                                                                                                              وفي رواية: "وليعزم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه".

                                                                                                                              [ ص: 502 ] قال النووي : قال العلماء: عزم المسألة الشدة في طلبها، والجزم "من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها".

                                                                                                                              وقيل: هو حسن الظن بالله تعالى في الإجابة.

                                                                                                                              ومعنى الحديث: استحباب الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة. قال العلماء: سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة، إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه. والله تعالى: منزه عن ذلك. وهو معنى قوله، صلى الله عليه وآله وسلم، في آخر الحديث: "فإنه لا مكره له".

                                                                                                                              وقيل: سبب الكراهة أن في هذا اللفظ صورة الاستغناء عن المطلوب، والمطلوب منه. انتهى.

                                                                                                                              والحاصل: أنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء، وأن يكون الداعي على رجاء الإجابة، ولا يقنط من رحمة الله تعالى، فإنه يدعو كريما. ويلح فيه، ولا يستثني. بل يدعو دعاء البائس الفقير.

                                                                                                                              وفي الترمذي، عن أبي هريرة مرفوعا، واستغربه: "ادعوا الله، وأنتم موقنون بالإجابة. واعلموا: أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل، لاه".

                                                                                                                              [ ص: 503 ] قال التوربشتي : أي كونوا - عند الدعاء - على حالة، تستحقون فيها الإجابة. وذلك بإتيان المعروف، واجتناب المنكر، وغير ذلك من مراعاة أركان الدعاء، وآدابه، حتى تكون الإجابة على القلب أغلب من الرد.

                                                                                                                              والمراد: دعوة معتقدين وقوع الإجابة. لأن الداعي: إذا لم يكن متحققا في الرجاء: لم يكن رجاؤه صادقا. وإذا لم يكن الرجاء صادقا: لم يكن الرجاء خالصا، والداعي مخلصا. فإن الرجاء هو الباعث. ولا يتحقق الفرع، إلا بتحقق الأصل. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية