الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 173 ] 383 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الواجب فيمن مات وعليه صيام هل هو الصيام أو الإطعام عنه ؟

2394 - حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا سليمان يعني : الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت أن تصوم شهرا ، فماتت قبل أن تصوم ، فأتت أختها النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فأمرها أن تصوم عنها .

2395 - وحدثنا عمران بن موسى الطائي قال : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن [ ص: 174 ] الله عز وجل نجاها منه أن تصوم شهرا ، فماتت قبل أن تصوم فسألت خالتها أو بعض قرابتها النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر أن يصام عنها .

2396 - وحدثنا يوسف بن يزيد قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر قال : حدثنا سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله عز وجل نجاها أن تصوم شهرا ، فأنجاها الله عز وجل ، فماتت قبل أن تصوم فأتت ذات قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصوم عنها .

2397 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أصبغ بن الفرج قال : حدثني عبد الله بن وهب قال : حدثني عمرو بن الحارث ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مات [ ص: 175 ] وعليه صيام صام عنه وليه .

2398 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر ، عن محمد بن جعفر ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

2399 - حدثنا فهد قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : أخبرنا يحيى بن أيوب قال : حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر ، عن محمد بن جعفر ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 176 ] فقال قائل : هذه سنة قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الوجوه المقبولة ، فمن أين جاز لكم تركها ، والقول بخلافها ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه أن تركنا إياها كان لأنا لا نعلم أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إلا من الجهتين اللتين رويناها عنه منهما ، وهي من جهة ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما ، ثم وجدنا ابن عباس وعائشة بعد النبي صلى الله عليه وسلم قد تركا ذلك وقال بضده وهما المأمونان على ما رويا العدلان فيما قالا .

فعقلنا بذلك أنهما لم يتركا ما قد سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إلا إلى ما هو أولى ، مما قد سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فيه .

والذي روي عنهما مما يخالف ذلك .

مما قد حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال : حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا الحجاج الأحول . قال أبو جعفر : وهو الحجاج بن الحجاج الباهلي قد حدث عنه يزيد وإبراهيم بن طهمان ، وهو مقبول الرواية عند أهلها ، قال : حدثنا أيوب بن موسى ، عن عطاء ، [ ص: 177 ] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يصلي أحد عن أحد ، ولا يصوم أحد عن أحد ، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد حنطة .

وما قد حدثنا الربيع المرادي قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه أن كريبا مولى ابن عباس حدثه أن ابن عباس قال : يفتدي الكبير إذا لم يطق الصيام .

[ ص: 178 ] فجعل ابن عباس ما يرجع إليه الكبير عند عجزه عن الصيام الفدية منه لا صيام غيره عنه .

وما كتب به إلي الحسن بن عبد الأعلى الصنعاني يحدثنيه عن عبد الرزاق بن همام ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال :

سئل ابن عباس عن رجل مات وعليه صيام شهر رمضان ، ونذر شهر آخر فقال : يطعم عنه ستين مسكينا .

وما قد حدثنا روح بن الفرج قال : حدثنا يوسف بن عدي الكوفي قال : حدثنا عبيدة بن حميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن قالت : سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها : إن أمي توفيت وعليها رمضان أيصلح أن أقضي عنها ؟ فقالت : لا ، ولكن تصدقي عنها مكان كل يوم على مسكين ، خير من صيامك عنها .

وما قد حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن عمارة بن عمير ، قال : ماتت مولاة لابن أبي عصيفير ، عليها [ ص: 179 ] صوم شهر ، فقالت عائشة رضي الله عنها : أطعموا عنها .

وما قد حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن عمرة ، قالت : توفيت أمي وعليها من رمضان صوم فسألت عائشة عن ذلك فقالت : اقضيها عنها ثم قالت : بل تصدقي مكان كل يوم على مسكين نصف صاع .

وما قد حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، وروح بن عبادة قالا : حدثنا الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن عمارة بن عمير ، عن مولاة لآل بني عصيفير قالت : سألت - تريد عائشة رضي الله عنها ، عن امرأة ماتت وعليها صوم شهر فقالت : أطعموا عنها واللفظ لروح ، فكان قول ابن عباس وعائشة هذا دليلا على أنهما قالا ما قالا فيما رويناه عنهما في هذه الآثار ، والحكم عندهما فيما قالاه في ذلك ما قالاه [ ص: 180 ] فيه ولا يجوز أن يكون ذلك منهما إلا بعد ثبوت نسخ ما سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، ولولا ذلك سقط عدلهما وكان في سقوط عدلهما سقوط روايتهما ، وحاش لله عز وجل أن يكونا كذلك ، ولكنهما على عدلهما وعلى أنهما لم يتركا ما سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم إلا إلى ما سمعاه منه مما قالاه بعده وهما عندنا في ذلك كمثل ما قال محمد بن سيرين .

مما حدثناه يونس قال : أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني جرير بن [ ص: 181 ] حازم ، عن محمد بن سيرين في المتعة - يعني متعة الحج - قال : هم - يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - حضروها ، وهم نهوا عنها .

فما في مذهبهم ما يتهم ، ولا في رأيهم ما يستقصر ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية