الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ( 27 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ورزقناه من لدنا إسحاق ولدا ، ويعقوب من بعده ولد ولد .

كما حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب ) قال : هما ولدا إبراهيم .

وقوله : ( وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ) بمعنى الجمع ، يراد به الكتب ، ولكنه خرج مخرج قولهم : كثر الدرهم والدينار عند فلان .

وقوله : ( وآتيناه أجره في الدنيا ) يقول - تعالى ذكره - : وأعطيناه ثواب بلائه فينا في الدنيا ( وإنه ) مع ذلك ( في الآخرة لمن الصالحين ) فله هناك أيضا جزاء الصالحين ، غير منتقص حظه بما أعطي في الدنيا من الأجر على بلائه في الله عما له عنده في الآخرة .

وقيل : إن الأجر الذي ذكره الله عز وجل أنه آتاه إبراهيم في الدنيا هو الثناء الحسن ، والولد الصالح .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وآتيناه أجره في الدنيا ) قال : الثناء .

حدثني أبو السائب قال : ثنا ابن إدريس ، عن ليث قال : أرسل مجاهد رجلا يقال له : قاسم ، إلى عكرمة يسأله عن قوله : ( وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) قال : قال : أجره في الدنيا ، أن كل ملة تتولاه ، وهو عند الله من الصالحين ، قال : فرجع إلى مجاهد ، فقال : أصاب .

حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان ، عن مندل ، عمن ذكره ، عن ابن عباس ( وآتيناه أجره في الدنيا ) قال : الولد الصالح والثناء . [ ص: 28 ]

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( وآتيناه أجره في الدنيا ) يقول : الذكر الحسن .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وآتيناه أجره في الدنيا ) قال : عافية وعملا صالحا ، وثناء حسنا ، فلست بلاق أحدا من الملل إلا يرى إبراهيم ويتولاه ( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية