الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الغيبة

                                                                                                          حدثني مالك عن الوليد بن عبد الله بن صياد أن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي أخبره أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع قال يا رسول الله وإن كان حقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قلت باطلا فذلك البهتان

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          4 - باب ما جاء في الغيبة

                                                                                                          1853 1806 - ( مالك عن الوليد بن عبد الله بن صياد ) المدني أخي عمارة ، لم يذكره البخاري في تاريخه ، ولا ابن أبي حاتم ، ولا ترجم له ابن عبد البر ، لكن ذكره ابن حبان في الثقات ، وكفى برواية مالك عنه توثيقا ، ( أن المطلب بن عبد الله ) بن المطلب ( بن حنطب ) - بفتح المهملتين بينهما نون ساكنة آخره موحدة - ابن الحارث ( المخزومي ) ، صدوق ، هكذا قال ابن وهب وابن القاسم ، وابن بكير ، والقعنبي ، وغيرهم " حنطب " ، ووقع ليحيى " حويطب " ، والصواب الأول كما قال أبو عمر : ( أخبره ) مرسلا ، وقد وصله العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة ، أخرجه مسلم والترمذي ، قال الحافظ : والمطلب كثير الإرسال ، ولم يصح سماعه من أبي هريرة ، فلعله أخذه عن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة : ( أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما الغيبة ) ، أي ما حقيقتها التي نهينا عنها بقوله : ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) ( سورة الحجرات : الآية 12 ) ، ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن تذكر ) بلفظ أو كتابة أو رمز أو إشارة أو محاكاة ( من المرء ) في غيبته ( ما يكره أن يسمع ) لو بلغه ، في دينه أو دنياه أو خلقه أو أهله أو خادمه أو ماله أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به [ ص: 644 ] ( قال : يا رسول الله وإن كان حقا ) ، بأن كان فيه ما ذكرته به ، ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا قلت باطلا فذلك البهتان ) ، أي الكذب ، وهو أولى ما فسر به قوله في رواية مسلم : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته " ، قال القرطبي وغيره بفتح الهاء حقيقة ، وشد التاء لإدغام تاء الخطاب في تاء لام الكلمة ، يقال : بهت فلانا : كذب عليه فبهت ، أي تحير ، وبهت الذي كفر قطعت حجته ، فتحير ، والبهتان الباطل الذي يتحير فيه .

                                                                                                          قال عياض : والأولى في تفسيره أنه من البهتان لقوله في الحديث الآخر فذلك البهتان ، إلا أن يكون ذلك على طريق الوعظ والنصح ، فيجوز ، ويندب فيما كانت منه زلة التعريض دون التصريح ; لأنه يهتك حجاب الهيبة ، ثم ظاهر قوله " من المرء " ولو كافرا ، وظاهر قوله " أخاك " تخصيص الغيبة بالمسلم ، إذ المراد الأخ في الدين ، وصرح عياض بأنه لا غيبة في كافر ، ويوافق الأول قوله - صلى الله عليه وسلم - : نصرانيين لولا الغيبة أخبرتكم أيهما طب .

                                                                                                          قال الأبي : ويمكن الجمع بأن " أخاك " خرج مخرج الغالب ، أو يخرج به الكافر ; لأنه لا غيبة فيه بكفره ، بل بغيره ، واستثنى مسائل تجوز فيها الغيبة ، معلومة .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : ليس هذا الحديث عند القعنبي في الموطأ ، وهو عنده في الزيادات ، وهو آخر حديث في كتاب الجامع في موطأ ابن بكير ، وهو يدخل في التفسير المسند .




                                                                                                          الخدمات العلمية