الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( باب النون مع الظاء )

                                                          ( نظر ) ( س ) فيه إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم معنى النظر هاهنا الاختيار والرحمة والعطف ; لأن النظر في الشاهد دليل المحبة ، وترك النظر دليل البغض والكراهة ، وميل الناس إلى الصور المعجبة والأموال الفائقة ، والله يتقدس عن شبه المخلوقين ، فجعل نظره إلى ما هو السر واللب ، وهو القلب والعمل . والنظر يقع على الأجسام والمعاني ، فما كان بالأبصار فهو للأجسام ، وما كان بالبصائر كان للمعاني .

                                                          * ومنه الحديث من ابتاع مصراة فهو بخير النظرين أي خير الأمرين له ، إما إمساك المبيع أو رده ، أيهما كان خيرا له واختاره فعله .

                                                          وكذلك حديث القصاص من قتل له قتيل فهو بخير النظرين يعني القصاص والدية ، أيهما اختار كان له . وكل هذه معان لا صور .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - " قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : النظر إلى وجه علي عبادة " قيل : معناه أن عليا - رضي الله عنه - كان إذا برز قال الناس : لا إله إلا الله ، ما أشرف هذا الفتى ! لا إله إلا الله ، ما أعلم هذا الفتى ! لا إله إلا الله ، ما أكرم هذا الفتى ! أي ما أتقى ، لا إله إلا الله ، ما أشجع هذا الفتى ! فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد .

                                                          ( هـ ) وفيه " إن عبد الله أبا النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة تنظر وتعتاف ، فرأت في وجهه نورا ، فدعته إلى أن يستبضع منها وتعطيه مائة من الإبل ، فأبى " تنظر : أي تتكهن . وهو نظر تعلم وفراسة .

                                                          [ ص: 78 ] والمرأة كاظمة بنت مر . وكانت متهودة قد قرأت الكتب .

                                                          وقيل : هي أخت ورقة بن نوفل .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه رأى جارية بها سفعة ، فقال : إن بها نظرة فاسترقوا لها أي بها عين أصابتها من نظر الجن . وصبي منظور : أصابته العين .

                                                          وفي حديث ابن مسعود " لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم بها : عشرين سورة من المفصل " النظائر : جمع نظيرة ، وهي المثل والشبه في الأشكال ، والأخلاق ، والأفعال ، والأقوال ، أراد اشتباه بعضها ببعض في الطول .

                                                          والنظير : المثل في كل شيء . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الزهري " لا تناظر بكتاب الله ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي لا تجعل لهما شبها ونظيرا ، فتدعهما وتأخذ به ، أو لا تجعلهما مثلا ، كقول القائل إذا جاء في الوقت الذي يريد : ( " ثم جئت على قدر ياموسى " وما أشبه ذلك مما يتمثل به ، والأول أشبه . يقال : ناظرت فلانا : أي صرت له نظيرا في المخاطبة . وناظرت فلانا بفلان : أي جلعته نظيرا له .

                                                          وفيه كنت أبايع الناس فكنت أنظر المعسر الإنظار : التأخير والإمهال . يقال : أنظرته أنظره ، واستنظرته ، إذا طلبت منه أن ينظرك .

                                                          وفي حديث أنس نظرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى كان شطر الليل يقال : نظرته وانتظرته ، إذا ارتقبت حضوره .

                                                          ومنه حديث الحج فإني أنظركما .

                                                          وحديث الأشعريين " إن تنظروهم " وقد تكرر ذكر " النظر ، والانتظار ، والإنظار " في الحديث .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية