الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بدن ]

                                                          بدن : بدن الإنسان : جسده . والبدن من الجسد : ما سوى الرأس والشوى ، وقيل : هو العضو ، عن كراع ، وخص مرة به أعضاء الجزور ، والجمع أبدان . وحكى اللحياني : إنها لحسنة الأبدان ; قال أبو الحسن : كأنهم جعلوا كل جزء منها بدنا ثم جمعوه على هذا ; قال حميد بن ثور الهلالي :


                                                          إن سليمى واضح لباتها لينة الأبدان من تحت السبج



                                                          ورجل بادن : سمين جسيم ، والأنثى بادن وبادنة ، والجمع بدن وبدن ; أنشد ثعلب :


                                                          فلا ترهبي أن يقطع النأي بيننا     ولما يلوح بدنهن شروب



                                                          وقال زهير :


                                                          غزت سمانا فآبت ضمرا خدجا     من بعد ما جنبوها بدنا عققا



                                                          وقد بدنت وبدنت تبدن بدنا وبدنا وبدانا وبدانة ; قال :


                                                          وانضم بدن الشيخ واسمألا



                                                          إنما عنى بالبدن هنا الجوهر الذي هو الشحم ، لا يكون إلا على هذا ؛ لأنك إن جعلت البدن عرضا جعلته محلا للعرض . والمبدن والمبدنة : كالبادن والبادنة ، إلا أن المبدنة صيغة مفعول . والمبدان : الشكور السريع السمن ; قال :


                                                          وإني لمبدان ، إذا القوم أخمصوا     وفي ، إذا اشتد الزمان ، شحوب



                                                          وبدن الرجل : أسن وضعف . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود ، فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني إذا رفعت ، ومهما أسبقكم إذا سجدت تدركوني إذا رفعت ، إني قد بدنت " ; هكذا روي بالتخفيف بدنت ; قال الأموي : إنما هو بدنت ، بالتشديد ، يعني كبرت وأسننت ، والتخفيف من البدانة ، وهي كثرة اللحم ، وبدنت أي سمنت وضخمت . ويقال : بدن الرجل تبدينا إذا أسن ; قال حميد الأرقط :


                                                          وكنت خلت الشيب والتبدينا     والهم مما يذهل القرينا



                                                          قال : وأما قوله : قد بدنت ، فليس له معنى إلا كثرة اللحم ، ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - سمينا . قال ابن الأثير : وقد جاء في صفته في حديث ابن أبي هالة : بادن متماسك ; والبادن : الضخم ، فلما قال : بادن أردفه بمتماسك ، وهو الذي يمسك بعض أعضائه بعضا ، فهو معتدل الخلق ; ومنه الحديث : أتحب أن رجلا بادنا في يوم حار غسل ما تحت إزاره ثم أعطاكه فشربته ؟ وبدن الرجل ، بالفتح ، يبدن بدنا وبدانة ، فهو بادن إذا ضخم ، وكذلك بدن ، بالضم ، يبدن بدانة . ورجل بادن ومبدن وامرأة مبدنة : وهما السمينان . والمبدن : المسن . أبو زيد : بدنت المرأة وبدنت بدنا ; قال أبو منصور وغيره : بدنا وبدانة على فعالة ، قال الجوهري : وامرأة بادن أيضا وبدين . ورجل بدن : مسن كبير ; قال الأسود بن يعفر :


                                                          هل لشباب فات من مطلب     أم ما بكاء البدن الأشيب ؟



                                                          والبدن : الوعل المسن ; قال يصف وعلا وكلبة :


                                                          قد قلت لما بدت العقاب     وضمها والبدن الحقاب :
                                                          جدي ! لكل عامل ثواب     والرأس والأكرع والإهاب



                                                          العقاب : اسم كلبة ، والحقاب : جبل بعينه ، والبدن : المسن من الوعول ; يقول : اصطادي هذا التيس وأجعل ثوابك الرأس والأكرع والإهاب ، وبيت الاستشهاد أورده الجوهري : قد ضمها ، وصوابه وضمها كما أوردناه ; ذكره ابن بري ، والجمع أبدن ; قال كثير عزة :


                                                          كأن قتود الرحل منها تبينها     قرون تحنت في جماجم أبدن



                                                          وبدون ، نادر ، عن ابن الأعرابي . والبدنة من الإبل والبقر : كالأضحية من الغنم تهدى إلى مكة ، الذكر والأنثى في ذلك سواء ; الجوهري : البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة ، سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها ، والجمع بدن وبدن ، ولا يقال في الجمع بدن ، وإن كانوا قد قالوا خشب وأجم ورخم وأكم ، استثناه اللحياني من هذه . وقال أبو بكر في قولهم : قد ساق بدنة : يجوز أن تكون سميت بدنة لعظمها وضخامتها ، ويقال : سميت بدنة لسنها . والبدن : السمن والاكتناز ، وكذلك البدن مثل عسر وعسر ; قال شبيب بن البرصاء :


                                                          كأنها ، من بدن وإيفار     دبت عليها ذربات الأنبار



                                                          وروي : من سمن وإيغار . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه أتي ببدنات خمس فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ ; البدنة ، بالهاء ، تقع على الناقة والبقرة والبعير الذكر مما يجوز في الهدي والأضاحي ، وهي بالبدن أشبه ، ولا تقع على الشاة ، سميت بدنة لعظمها وسمنها ، وجمع البدنة البدن . وفي التنزيل العزيز : والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ; قال الزجاج : بدنة وبدن ، وإنما سميت بدنة لأنها تبدن أي تسمن . وفي حديث الشعبي : قيل له : إن أهل العراق يقولون إذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها كان كمن يركب بدنته ; أي من أعتق أمته فقد جعلها محررة لله ، فهي بمنزلة البدنة التي تهدى إلى بيت الله في الحج فلا تركب إلا عن ضرورة ، فإذا تزوج أمته المعتقة كان كمن قد ركب بدنته المهداة . والبدن : شبه درع إلا أنه قصير قدر ما يكون على الجسد فقط قصير الكمين . ابن سيده : البدن الدرع القصيرة على قدر الجسد ، وقيل : هي الدرع عامة ، وبه فسر ثعلب قوله - تعالى : فاليوم ننجيك ببدنك ; قال : بدرعك ، وذلك أنهم شكوا في غرقه فأمر الله - عز وجل - البحر أن يقذفه على دكة في البحر ببدنه أي بدرعه ، فاستيقنوا حينئذ أنه قد غرق ; الجوهري : قالوا بجسد لا روح فيه ، قال الأخفش : وقول من قال : بدرعك ، فليس بشيء ، والجمع أبدان .

                                                          [ ص: 41 ] وفي حديث علي - كرم الله وجهه : لما خطب فاطمة - رضوان الله عليها - قيل : ما عندك ؟ قال : فرسي وبدني ; البدن : الدرع من الزرد ، وقيل : هي القصيرة منها . وفي حديث سطيح : أبيض فضفاض الرداء والبدن أي واسع الدرع ; يريد كثرة العطاء . وفي حديث مسح الخفين : فأخرج يده من تحت بدنه ; استعار البدن هاهنا للجبة الصغيرة تشبيها بالدرع ، ويحتمل أن يريد من أسفل بدن الجبة ، ويشهد له ما جاء في الرواية الأخرى : فأخرج يده من تحت البدن . وبدن الرجل : نسبه وحسبه ; قال :


                                                          لها بدن عاس ، ونار كريمة     بمعترك الآري ، بين الضرائم



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية