قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وفي قولان ، قال في الشهادة التي يثبت بها رؤية هلال شهر رمضان البويطي : لا تقبل إلا من عدلين ، لما روى الحسين بن حريث الجدلي ( جديلة قيس ) قال : { مكة الحارث بن حاطب فقال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسك لرؤيته فإن لم نره فشهد شاهدان عدلان نسكنا بشهادتهما } ( وقال ) في القديم والجديد : يقبل من عدل واحد وهو الصحيح ، لما روى خطبنا أمير رضي الله عنه قال : { عبد الله بن عمر } ولأنه إيجاب عبادة ، فقبل من واحد احتياطا للفرض ( فإن قلنا ) يقبل من واحد ، فهل يقبل من العبد والمرأة ؟ فيه وجهان : [ ص: 284 ] أحدهما ) يقبل ; لأن ما قبل فيه قول الواحد قبل من العبد والمرأة كإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والثاني ) لا يقبل ، وهو الصحيح لأن طريقها طريق الشهادة ، بدليل أنه لا يقبل من شاهد الفرع مع حضور شاهد الأصل فلم يقبل من العبد والمرأة كسائر الشهادات ، ولا يقبل في هلال الفطر إلا شاهدان ، لأنه إسقاط فرض ، فاعتبر فيه العدد احتياطا للفرض ، فإن شهد واحد على رؤية هلال رمضان فقبل قوله وصاموا ثلاثين يوما وتغيمت السماء ففيه وجهان ( أحدهما ) أنهم لا يفطرون لأنه إفطار بشاهد واحد ( والثاني ) أنهم يفطرون وهو المنصوص في الأم ، لأنه بينة ثبت بها الصوم فجاز الإفطار باستكمال العدد منها كالشاهدين . تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بالصيام
وقوله : إن هذا إفطار بشاهد لا يصح ; لأن الذي ثبت بالشاهد هو الصوم ، والفطر ثبت على سبيل التبع وذلك يجوز كما نقول : إن النسب لا يثبت بقول أربع نسوة ثم ولو شهد أربع نسوة بالولادة ثبتت الولادة وثبت النسب على سبيل التبع للولادة . وإن شهد اثنان على رؤية هلال رمضان فصاموا ثلاثين يوما والسماء مصحية فلم يروا الهلال ففيه وجهان . قال أبو بكر الحداد : لا يفطرون ; لأن عدم الهلال مع الصحو يقين والحكم بالشاهدين ظن ، واليقين يقدم على الظن ، وقال أكثر أصحابنا : يفطرون ; لأن شهادة اثنين يثبت بها الصوم والفطر ، فوجب أن يثبت بها الفطر . وإن ففيه وجهان . قال غم عليهم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من شهر رمضان أبو العباس : يلزمه الصوم ; لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه إذا عرف بالبينة ( والثاني ) أنه لا يصوم ; لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية ومن رأى هلال شوال وحده أفطر وحده ; لقوله صلى الله عليه وسلم { } ويفطر لرؤيته هلال شوال سرا ، لأنه إذا أظهر الفطر عرض نفسه للتهمة وعقوبة السلطان ) . صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
- هل يثبت هلال رمضان بالشهادة على الشهادة
- قبلنا في هلال رمضان عدلا وصمنا ثلاثين يوما ولم نر الهلال بعدها
- غم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من رمضان
- حكم من رأى هلال رمضان وحده
- سائر الشهور غير هلال رمضان هل يلزمها شهادة رجلين حرين
- فرع لا بد في كل ما سوى الصيام من شهادة رجلين عدلين
- فرع شهد عدل بإسلام ذمي مات
- فرع عقد رجل عنده أن غدا من رمضان في يوم الشك فصام ثم بان أنه من رمضان
- فرع لم يروا الهلال فرأى إنسان النبي في المنام وقال الليلة أول رمضان
- فرع مذاهب العلماء في هلال رمضان
- فرع شهادة النساء في هلال رمضان
التالي
السابق
( الشرح ) حديث صحيح رواه الحسين بن حريث أبو داود والدارقطني وغيرهم ، وقال والبيهقي الدارقطني : هذا إسناد متصل صحيح وحديث والبيهقي صحيح ، رواه ابن عمر أبو داود والدارقطني بإسناد صحيح على شرط والبيهقي قال مسلم : تفرد به الدارقطني عن مروان بن محمد وهو ثقة . [ ص: 285 ] وقوله ) ابن وهب حسين بن حريث هكذا وقع في المهذب حريث - بضم الحاء - وهو غلط فاحش وصوابه حسين بن الحارث ، وهذا لا خلاف فيه وهو مشهور في رواية هذا الحديث ، وفي جميع كتب الحديث وكتب الأسماء حسين بن الحارث ( وقوله ) الجدلي ( جديلة قيس ) يعني أنه من بني جديلة قبيلة معروفة من قيس عيلان - بالعين المهملة - احتراز من جديلة طيئ وغيرها ، وقد أوضحت حاله وحال قبيلته في تهذيب الأسماء واللغات ( وقوله ) الحارث بن حاطب هو صحابي مشهور ، وقد أوضحت حاله في التهذيب ، وفي سنن أبي داود وغيره أن وافقه على رواية هذا الحديث وصدقه فيه . عبد الله بن عمر
( وقوله ) ننسك هو - بضم السين وكسرها - لغتان مشهورتان وهو العبادة ومن قال بالمذهب : أنه لا يثبت ، وأجاب عن حديث الهلال بعدل واحد الحسين بن الحارث بأن النسك ههنا عيد الفطر ، وكذا ترجم له وغيره على ثبوت هلال شوال بعدلين . البيهقي
( وأما الأحكام ) ففي الفصل مسائل : ( إحداها ) في الشهادة التي يثبت بها هلال رمضان ثلاث طرق ( أصحها ) وأشهرها وبه قطع المصنف والجمهور في المسألة قولان ( أصحهما ) باتفاق الأصحاب يثبت بعدل ، وهو نصه في القديم ، ومعظم كتبه في الجديد ، للأحاديث الصحيحة في ذلك ( منها ) ما ذكره المصنف وغير ذلك ( والثاني ) وهو نصه في البويطي لا يثبت إلا بعدلين .
( والطريق الثاني ) القطع بثبوته بعدل للأحاديث ( والثالث ) حكاه الماوردي والسرخسي إن ثبتت الأحاديث ثبت بعدل وإلا فقولان ( أحدهما ) يشترط عدلان كسائر الشهور ( والثاني ) يثبت بعدل للاحتياط ، وهذا الطريق محتمل ، ولكن الأحاديث قد ثبتت ، فالحاصل أن المذهب ثبوته بعدل ، قال أصحابنا : فإن شرطنا عدلين فلا مدخل للنساء والعبيد في هذه الشهادة ، ويشترط لفظ الشهادة ويختص بمجلس القاضي ، ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى ، وإن اكتفينا بعدل فهل هو بطريق الرواية أم بطريق الشهادة ؟ فيه وجهان مشهوران وحكاهما السرخسي قولين .
[ ص: 286 ] قال الدارمي : القائل : شهادة هو ، والقائل : رواية هو أبو علي بن أبي هريرة ، واتفقوا على أن ( أصحهما ) أنه شهادة فعلى هذا لا يقبل فيه العبد والمرأة ، ونص عليه في الأم . قال أبو إسحاق المروزي في المجرد : وبهذا قال جميع أصحابنا غير القاضي أبو الطيب ( والثاني ) أنه رواية فيقبل من العبد والمرأة ، وفي اشتراط لفظ الشهادة طريقان ( أحدهما ) يشترط قطعا ( وأصحهما ) وبه قال الجمهور فيه وجهان مبنيان على أنه شهادة أم رواية ؟ إن قلنا : شهادة شرط وإلا فلا . وأما الصبي المميز الموثوق به فلا يقبل قوله إن شرطنا اثنين أو قلنا : شهادة ، وهذا لا خلاف فيه وإن قلنا : رواية فطريقان ( المذهب ) وبه قطع الجمهور لا يقبل قطعا ( والثاني ) فيه وجهان بناء على الوجهين المشهورين في قبول روايته إن قبلناها قبل هذا ، وإلا فلا ، وبهذا الطريق قطع أبي إسحاق إمام الحرمين . وأما الكافر والفاسق والمغفل فلا يقبل قولهم فيه بلا خلاف ، ولا خلاف في اشتراط العدالة الظاهرة فيمن نقبله .
وأما العدالة الباطنة ، فإن قلنا : يشترط عدلان اشترطت ، وإلا فوجهان حكاهما إمام الحرمين وآخرون ، قالوا : وهما جاريان في رواية المستور ، الحديث ( والأصح ) ، وكذا الأصح قبول قوله هنا والصيام به ، وبهذا قطع صاحب الإبانة والعدة قبول رواية المستور والمتولي ، قال أصحابنا : ولا فرق في كل ما ذكرناه بين كون السماء مصحية أو مغيمة .
( فرع ) إذا ممن يثق به ويعتقد صدقه أنه رأى هلال رمضان ولم يذكر ذلك عند القاضي ، فقد قطعت طائفة بأنه يلزمه الصوم بقوله ، ممن صرح بوجوب ذلك على المقول له أخبره من يثق به كزوجته وجاريته وصديقه وغيرهم أبو الفضل بن عبدان والغزالي في الإحياء والبغوي وغيرهم . وقال إمام الحرمين وصاحب الشامل : إن قلنا : إنه رواية لزم الصوم بقوله .
( وقوله ) ننسك هو - بضم السين وكسرها - لغتان مشهورتان وهو العبادة ومن قال بالمذهب : أنه لا يثبت ، وأجاب عن حديث الهلال بعدل واحد الحسين بن الحارث بأن النسك ههنا عيد الفطر ، وكذا ترجم له وغيره على ثبوت هلال شوال بعدلين . البيهقي
( وأما الأحكام ) ففي الفصل مسائل : ( إحداها ) في الشهادة التي يثبت بها هلال رمضان ثلاث طرق ( أصحها ) وأشهرها وبه قطع المصنف والجمهور في المسألة قولان ( أصحهما ) باتفاق الأصحاب يثبت بعدل ، وهو نصه في القديم ، ومعظم كتبه في الجديد ، للأحاديث الصحيحة في ذلك ( منها ) ما ذكره المصنف وغير ذلك ( والثاني ) وهو نصه في البويطي لا يثبت إلا بعدلين .
( والطريق الثاني ) القطع بثبوته بعدل للأحاديث ( والثالث ) حكاه الماوردي والسرخسي إن ثبتت الأحاديث ثبت بعدل وإلا فقولان ( أحدهما ) يشترط عدلان كسائر الشهور ( والثاني ) يثبت بعدل للاحتياط ، وهذا الطريق محتمل ، ولكن الأحاديث قد ثبتت ، فالحاصل أن المذهب ثبوته بعدل ، قال أصحابنا : فإن شرطنا عدلين فلا مدخل للنساء والعبيد في هذه الشهادة ، ويشترط لفظ الشهادة ويختص بمجلس القاضي ، ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى ، وإن اكتفينا بعدل فهل هو بطريق الرواية أم بطريق الشهادة ؟ فيه وجهان مشهوران وحكاهما السرخسي قولين .
[ ص: 286 ] قال الدارمي : القائل : شهادة هو ، والقائل : رواية هو أبو علي بن أبي هريرة ، واتفقوا على أن ( أصحهما ) أنه شهادة فعلى هذا لا يقبل فيه العبد والمرأة ، ونص عليه في الأم . قال أبو إسحاق المروزي في المجرد : وبهذا قال جميع أصحابنا غير القاضي أبو الطيب ( والثاني ) أنه رواية فيقبل من العبد والمرأة ، وفي اشتراط لفظ الشهادة طريقان ( أحدهما ) يشترط قطعا ( وأصحهما ) وبه قال الجمهور فيه وجهان مبنيان على أنه شهادة أم رواية ؟ إن قلنا : شهادة شرط وإلا فلا . وأما الصبي المميز الموثوق به فلا يقبل قوله إن شرطنا اثنين أو قلنا : شهادة ، وهذا لا خلاف فيه وإن قلنا : رواية فطريقان ( المذهب ) وبه قطع الجمهور لا يقبل قطعا ( والثاني ) فيه وجهان بناء على الوجهين المشهورين في قبول روايته إن قبلناها قبل هذا ، وإلا فلا ، وبهذا الطريق قطع أبي إسحاق إمام الحرمين . وأما الكافر والفاسق والمغفل فلا يقبل قولهم فيه بلا خلاف ، ولا خلاف في اشتراط العدالة الظاهرة فيمن نقبله .
وأما العدالة الباطنة ، فإن قلنا : يشترط عدلان اشترطت ، وإلا فوجهان حكاهما إمام الحرمين وآخرون ، قالوا : وهما جاريان في رواية المستور ، الحديث ( والأصح ) ، وكذا الأصح قبول قوله هنا والصيام به ، وبهذا قطع صاحب الإبانة والعدة قبول رواية المستور والمتولي ، قال أصحابنا : ولا فرق في كل ما ذكرناه بين كون السماء مصحية أو مغيمة .
( فرع ) إذا ممن يثق به ويعتقد صدقه أنه رأى هلال رمضان ولم يذكر ذلك عند القاضي ، فقد قطعت طائفة بأنه يلزمه الصوم بقوله ، ممن صرح بوجوب ذلك على المقول له أخبره من يثق به كزوجته وجاريته وصديقه وغيرهم أبو الفضل بن عبدان والغزالي في الإحياء والبغوي وغيرهم . وقال إمام الحرمين وصاحب الشامل : إن قلنا : إنه رواية لزم الصوم بقوله .
( المسألة الثانية ) . فيه طريقان مشهوران حكاهما هل يثبت هلال رمضان بالشهادة على الشهادة ؟ البغوي وآخرون ( أصحهما ) وبه قطع الأكثرون ، وأشار إليه المصنف ثبوته كسائر الأحكام ( والثاني ) [ ص: 287 ] فيه قولان كالحدود ; لأنه من حقوق الله تعالى التي ليست مالية ، والمذهب الأول ، وقاسه البغوي وآخرون على الزكاة وإتلاف حصر المسجد ونحوها ، فإنه يقبل فيه الشهادة على الشهادة بلا خلاف ، بخلاف الحدود فإنها مبنية على الدرء والإسقاط ، قال البغوي وآخرون : فعلى هذا عدد الفروع مبني على الأصول ، فإن شرطنا العدد في الأصول فحكم الفروع هنا كحكمهم في سائر الشهادات ، فيشترط أن يشهد على شهادة كل واحد شاهدان ، وهل يكفي شهادة رجلين على شهادة شاهدي الأصل جميعا ، فيه القولان المشهوران ( وأصحهما ) يكفي ، وعلى هذا لا مدخل لشهادة النساء والعبيد ، وإن اكتفينا بواحد فإن قلنا : سبيله سبيل الرواية ، فوجهان ( أحدهما ) يكفي واحد كرواية الحديث ( والثاني ) يشترط اثنان ، قال البغوي : هو الأصح لأنه ليس بخبر من كل وجه ، بدليل أنه لا يجوز أن يقول : أخبرني فلان عن فلان أنه رأى الهلال ، فعلى هذا هل يشترط إخبار حرين ذكرين ، أم يكفي امرأتان أو عبدان ، فيه وجهان أصحهما الأول ، وقال الشيخ أبو علي السنجي وإمام الحرمين : الأصح الاكتفاء بواحد عن واحد ، إذا قلنا : إنه رواية ، وبهذا قطع الدارمي ونقل الشيخ أبو علي الإجماع على أنه لا يقبل قول الفرع : حدثني فلان أن فلانا رأى الهلال ، قال إمام الحرمين : والقياس يقتضي قبوله إذا اكتفينا بواحد في الأصل والفرع ، قال : ولا نسلم دعواه الإجماع من نزاع واحتمال ظاهر ، أما إذا قلنا : طريقه طريق الشهادة ، أم يشترط اثنان ؟ فيه وجهان ، وقطع فهل يكفي شهادة واحد على شهادة واحد البغوي باشتراط اثنين وهو الأصح ، وأما فقطع شهادة الفرع بحضرة الأصل على شهادته المصنف وغيره بأنها لا تقبل ، ولا يبعد تخريج خلاف فيه على قولنا : رواية ، كما في رواية الحديث ، والله أعلم .
( المسألة الثالثة ) ؟ فيه وجهان مشهوران ، أصحهما عند إذا قبلنا في هلال رمضان عدلا وصمنا على قوله ثلاثين يوما فلم نر الهلال بعد الثلاثين فهل نفطر المصنف وجماهير الأصحاب - وهو نصه في الأم - نفطر ( والثاني ) لا نفطر ، لأنه إفطار مبني على قول عدل واحد ، والمذهب الأول لأنها حجة شرعية ثبت بها هلال رمضان فثبت الإفطار بعد [ ص: 288 ] استكمال العدد منها كالشاهدين وأبطل الأصحاب قول الآخر ، قالوا : لأن الذي ثبت بالشاهد إنما هو الصوم وحده ، وأما الفطر فثبت تبعا كما أن شهادة النساء لا تقبل على النسب استقلالا ، ولو شهد أربع نسوة بالولادة ثبتت وثبت النسب تبعا لها بلا خلاف فكذا هنا ، ثم القولان جاريان سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة هذا هو المذهب وبه صرح المتولي وآخرون ، وهو مقتضى كلام الأكثرين ، ونقله الرافعي عن مفهوم كلام الجمهور وقال في العدة : الوجهان إذا كانت مصحية ، فإن كانت مغيمة أفطرنا بلا خلاف لاحتمال وجوده واستتاره بالغيم ، وقال أبو المكارم المصنف والقاضي في المجرد وآخرون : إذا أبو الطيب ففي الفطر الوجهان ففرضوا المسألة فيما إذا غيمت ، وجب الفطر قطعا قال : وقيل هما في الغيم والصحو ، والمذهب طردهما في الحالين ، أما إذا صمنا بشهادة عدل ثلاثين وكانت السماء مغيمة ، فإن كانت السماء مغيمة أفطرنا بلا خلاف ، وإن كانت مصحية فطريقان ( أحدهما ) نفطر قولا واحدا وهو نص صمنا بقول عدلين ثلاثين يوما ولم نر الهلال في الأم الشافعي وحرملة ، وبه قطع كثيرون ( وأشهرهما ) وبه قطع المصنف وكثيرون فيه وجهان ( الصحيح ) وقول جمهور أصحابنا المتقدمين نفطر ; لأن أول الشهر ثبت وقد أمرنا بإكمال العدة إذا لم نر الهلال ، وقد أكملنا فوجب الفطر ( والثاني ) لا نفطر ، لأن عدم الرؤية مع الصحو يقين فلا نتركه بقول شاهدين وهو ظن ، وهذا قول أبي بكر بن الحداد حكاه عنه المصنف والأصحاب ، قال إمام الحرمين : هذا مزيف غير معدود من المذهب ، وإنما يجري على مذهب ، قال أبي حنيفة الرافعي : ونقل قول ابن الحداد عن ابن سريج أيضا ، قال : وفرع بعضهم عليه أنه لو ، قضينا صوم أول يوم أفطرناه ، لأنه بان أنه من آخر رمضان ولكن لا كفارة على من جامع فيه ; لأن [ ص: 289 ] الكفارة على من أثم بالجماع ، وهذا لم يأثم لعذره وأما على المذهب وقول الجمهور فلا قضاء . شهد اثنان على هلال شوال فأفطرنا ثم لم نر الهلال بعد ثلاثين والسماء مصحية
( المسألة الرابعة ) قال المصنف : إذا فوجهان ، قال غم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر ، وعرف بالحساب أنه من رمضان ابن سريج يلزمه الصوم ; لأنه عرف الشهر بدليل ، فأشبه من عرفه بالبينة ، وقال غيره لا يصوم لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية ، وهذا كلام المصنف ووافقه على هذه العبارة جماعة ، وقال الدارمي : لا يصوم بقول منجم ، وقال قوم : يلزم ، قال : فإن صام بقوله فهل يجزئه عن فرضه ؟ فيه وجهان وقال صاحب البيان : إذا عرف بحساب المنازل أن غدا من رمضان أو أخبره عارف فصدقه فنوى وصام بقوله فوجهان ( أحدهما ) يجزئه ، قاله ابن سريج واختاره ; لأنه سبب حصل له به غلبة ظن فأشبه ما لو أخبره ثقة عن مشاهدة ( والثاني ) لا يجزئه ; لأن النجوم والحساب لا مدخل لهما في العبادات ، قال : وهل يلزمه الصوم بذلك ، قال القاضي أبو الطيب ابن الصباغ : وأما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا . وذكر صاحب المهذب أن الوجهين في الوجوب ، هذا كلام صاحب البيان وقطع صاحب العدة بأن الحاسب والمنجم لا يعمل غيرهما بقولهما ، وقال المتولي : لا يعمل غير الحاسب بقوله وهل يلزمه هو الصوم بمعرفة نفسه الحساب ؟ فيه وجهان أصحهما لا يلزمه ، وقال الرافعي : لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم عليه ولا على غيره الصوم ، قال الروياني : وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على أصح الوجهين ، وأما الجواز فقال البغوي : لا يجوز ، لا في الصوم ولا في الفطر ، وهل يجوز له أن يعمل بحساب نفسه ؟ فيه وجهان ، وجعل تقليد المنجم في حسابه الروياني الوجهين فيما إذا عرف منازل القمر وعلم به وجود الهلال ، وذكر أن الجواز اختيار ابن سريج والقفال ، قال : فلو عرفه بالنجوم لم يجز الصوم به قطعا ، قال والقاضي أبي الطيب الرافعي : ورأيت في بعض المسودات تعدية الخلاف في جواز العمل به إلى غير المنجم ، هذا آخر كلام الرافعي [ ص: 290 ] فحصل في المسألة خمسة أوجه ( أصحها ) لا يلزم الحاسب ولا المنجم ولا غيرهما بذلك لكن يجوز لهما دون غيرهما ولا يجزئهما عن فرضهما ، ( والثاني ) يجوز لهما ويجزئهما ( والثالث ) يجوز للحاسب ولا يجوز للمنجم ( والرابع ) يجوز لهما ويجوز لغيرهما تقليدهما ( والخامس ) يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم ، والله أعلم .
( المسألة الخامسة ) من لزمه الصوم ، ومن رأى هلال رمضان وحده لزمه الفطر ، وهذا لا خلاف فيه عندنا لقوله صلى الله عليه وسلم : { رأى هلال شوال وحده } رواه صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته البخاري ، وسبق بيانه ، قال أصحابنا : ويفطر لرؤية هلال شوال سرا لئلا يتعرض للتهمة في دينه وعقوبة السلطان ، قال أصحابنا : ولو رئي رجل يوم الثلاثين من رمضان يأكل بلا عذر ، عزر فلو شهد بعد الأكل أنه رأى الهلال البارحة لم تقبل شهادته ، لأنه متهم في إسقاط التعزير عن نفسه بخلاف ما لو شهد أولا فردت شهادته ، ثم أكل ، لا يعزر لعدم التهمة حال الشهادة ، قال أصحابنا : وإذا ومسلم فالصوم واجب عليه كما ذكرنا ، فلو صام وجامع في ذلك اليوم لزمته الكفارة بلا خلاف ; لأنه من رمضان في حقه . هذا تفصيل مذهبنا في المسألتين وهذا الذي ذكرناه من لزوم الصوم برؤيته هلال رمضان وحده ، ووجوب الكفارة لو جامع فيه مذهب عامة العلماء ، وقال رأى هلال رمضان وحده ولم يقبل القاضي شهادته عطاء والحسن وابن سيرين وأبو ثور : لا يلزمه قال وإسحاق بن راهويه : يلزمه الصوم ، ولكن إن جامع فيه فلا كفارة ، وما ذكرناه من لزوم الفطر لمن رأى هلال شوال ، قال به أكثر العلماء ، وقال أبو حنيفة مالك والليث : لا يجوز له الأكل فيه . دليلنا في المسألتين الحديث ; ولأن يقين نفسه أبلغ من الظن الحاصل بالبينة ، والله أعلم . وأحمد
( المسألة السادسة ) لا يثبت هلال شوال ولا إلا بشهادة رجلين حرين عدلين ، لحديث سائر الشهور غير هلال رمضان الحارث بن حاطب السابق قريبا ، وقياسا على باقي الشهادات التي ليست مالا ، ولا المقصود [ ص: 291 ] منها المال ، ويطلع عليها الرجال غالبا ، مع أنه ليس فيه احتياط للعبادة بخلاف هلال رمضان ، هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا فحكى أصحابنا عنه أنه يقبل في هلال شوال عدل واحد كهلال رمضان ، وحكاه أبا ثور عن ابن المنذر وطائفة من أهل الحديث ، قال أبي ثور إمام الحرمين : قال صاحب التقريب : لو قلت بما قاله لم أكن مبعدا وقال أبو ثور الدارمي : ؟ أم لا يثبت إلا بعدلين ؟ فيه وجهان ، وهذا شاذ ضعيف . والله أعلم . هلال ذي الحجة هل يثبت بما يثبت به هلال رمضان
( فرع ) إذا قلنا يثبت هلال رمضان بقول واحد ، فإنما ذلك في الصوم خاصة فأما الطلاق والعتق وغيرهما مما علق على رمضان فلا يقع به بلا خلاف ، وكذا لا يحل الدين المؤجل إليه ولا تنقضي العدة ولا يتم حول الزكاة والجزية والدية المؤجلة وغير ذلك من الآجال بلا خلاف ، بل كاملي العدالة ظاهرا وباطنا ، وممن صرح بهذا لا بد في كل ما سوى الصيام من شهادة رجلين عدلين المتولي والبغوي والرافعي وآخرون .
( فرع ) قال المتولي : لو لم تقبل شهادته وحده في إثبات إرث قريبه المسلم منه ، وحرمان قريبه الكافر بلا خلاف ، شهد عدل بإسلام ذمي مات ؟ فيه وجهان بناء على القولين في صوم رمضان بقول عدل واحد وجزم وهل تقبل في الصلاة عليه في فتاويه بأنه لا يقبل ذكره في آخر كتاب الصيام والردة . . القاضي حسين
( فرع ) قال صاحب الشامل والبيان وغيرهما وهذا لفظ صاحب البيان قال : وإن الشافعي أجزأه قال : قال أصحابنا : أراد عقد رجل عنده أن غدا من رمضان في يوم الشك فصام ، ثم بان أنه من رمضان بذلك إذا أخبره برؤية الهلال من يثق بخبره من رجل أو امرأة أو عبد فصدقه ، وإن لم يقبل الحاكم شهادته ، ونوى الصوم وصام ثم بان أنه من رمضان أجزأه ; لأنه نوى الصوم بظن وصادفه فأشبه البينة ، قال الشافعي البندنيجي : وكذا لو أخبره صبي عاقل فأما إذا صام اتفاقا من غير مستند فوافق فإنه لا يجزئه بلا خلاف .
[ ص: 292 ] ( فرع ) لو لم يصح الصوم بهذا المنام لا لصاحب المنام ولا لغيره ، ذكره القاضي كانت ليلة الثلاثين من شعبان ، ولم ير الناس الهلال ، فرأى إنسان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له : الليلة أول رمضان في الفتاوى وآخرون من أصحابنا ونقل الحسين الإجماع ، عليه وقد قررته بدلائله في أول شرح صحيح القاضي عياض ، ومختصره أن شرط الراوي والمخبر والشاهد أن يكون متيقظا في حال التحمل ، وهذا مجمع عليه ، ومعلوم أن النوم لا تيقظ فيه ، ولا ضبط ، فترك العمل بهذا المنام لاختلال ضبط الراوي لا للشك في الرؤية فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { مسلم } والله تعالى أعلم . من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي
فرع في . ذكرنا أن مذهبنا ثبوته بعدلين بلا خلاف ، وفي ثبوته بعدل خلاف ، الصحيح ثبوته ، وسواء أصحت السماء أو غيمت ، وممن قال : يثبت بشاهد واحد مذاهب العلماء في هلال رمضان عبد الله بن المبارك وآخرون ، وممن قال : يشترط عدلان وأحمد بن حنبل عطاء وعمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي والليث وابن الماجشون وإسحاق بن راهويه وقال وداود : يشترط رجلان أو رجل وامرأتان ، كذا حكاه الثوري ، وقال ابن المنذر : إن كانت السماء مغيمة ثبت بشهادة واحد ، ولا يثبت رمضان إلا باثنين ، قال : وإن كانت مصحية ، لم يثبت رمضان بواحد ولا باثنين ، ولا يثبت إلا بعدد الاستفاضة ، واحتج أبو حنيفة بأنه يبعد أن ينظر الجماعة الكبيرة إلى مطلع الهلال وأبصارهم صحيحة ، ولا مانع من الرؤية ، ويراه واحد أو اثنان دونهم ، واحتج من شرط اثنين بحديث لأبي حنيفة الحارث بن حاطب ، وهو صحيح وسبق بيانه واحتج أصحابنا بحديث قال : { ابن عمر } وهو صحيح كما سبق بيانه قريبا ، حيث ذكر تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام ، [ ص: 293 ] وأمر الناس بصيامه المصنف .
وعن رضي الله عنهما قال : { ابن عباس محمدا رسول الله قال : نعم ، قال : يا أذن في الناس فليصوموا غدا بلال } رواه جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت الهلال - يعني رمضان - فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، قال : نعم ، قال : أتشهد أن أبو داود وهذا لفظه والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم أبو عبيد الله في المستدرك وغيرهم ، وقال : وهو حديث صحيح ، قال الحاكم الترمذي وغيره : وقد روي مرسلا عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر ، وكذا ورواه ابن عباس أبو داود من بعض طرقه مرسلا ، قال أبو داود والترمذي : ورواه جماعة مرسلا ، وكذا ذكره من طرق موصولا ومن طرق مرسلا ، وطرق الاتصال صحيحة ، وقد سبق مرات أن المذهب الصحيح أن الحديث إذا روي مرسلا ومتصلا احتج به ، لأن مع من وصله زيادة وزيادة الثقة مقبولة ، وقد حكم البيهقي بصحته كما سبق ، فهذان الحديثان هما العمدة في المسألة . الحاكم
( وأما ) حديث عن طاوس ابن عمر رضي الله عنهم قالا : { وابن عباس } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل واحد على هلال رمضان ، وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين وضعفه ، قال : وهذا مما لا ينبغي أن يحتج به قال : وفي الحديثين السابقين كفاية ، ثم روى البيهقي بإسناده ما رواه البيهقي في المسند وغيره بإسناده الصحيح إلى الشافعي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم : " أن رجلا شهد عند رضي الله عنه على رؤية هلال رمضان فصام ، وأحسبه قال : وأمر الناس بالصيام ، وقال : لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " ، ( والجواب ) عما احتج به علي من وجهين ( أحدهما ) أنه مخالف للأحاديث الصحيحة ، فلا يعرج عليه ( والثاني ) أنه يجوز أن يراه بعضهم دون جمهورهم لحسن نظره أو غير ذلك ، وليس [ ص: 294 ] هذا ممتنعا وهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحد وحكم به حاكم لم ينقض بالإجماع ، ووجب الصوم بالإجماع ، ولو كان مستحيلا لم ينفذ حكمه ووجب نقضه ، والجواب عما احتج به الآخرون أن المراد بقوله : ننسك هلال شوال جمعا بين الأحاديث ، أو محمول على الاستحباب والاحتياط ، ولا بد من أحد هذين التأويلين للجمع بين الأحاديث ، وحكى أبو حنيفة الماوردي عن بعض الشيعة أنهم أسقطوا حكم الأهلة ، واعتمدوا العدد ; للحديث السابق عن الصحيحين { } " وبالحديث المروي { شهرا عيد لا ينقصان } ودليلنا عليهم الأحاديث المذكورة هنا مع الأحاديث السابقة { صومكم يوم نحركم } والأحاديث المشهورة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته } أي قد يكون تسعا وعشرين ، وفي روايات { الشهر تسع وعشرون } رواه الشهر هكذا ، وهكذا ، وهكذا ، وأشار بأصبعه العشر ، وحبس الإبهام في الثالثة البخاري . ومسلم
وعن رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } رواه إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا ، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين بلفظه البخاري بمعناه . وعن ومسلم رضي الله عنه قال : { ابن مسعود } رواه ما صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين أبو داود والترمذي .
وعن رضي الله عنها قالت : { عائشة } رواه ما صمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمت معه ثلاثين ، وقال إسناده حسن صحيح وعن الدارقطني مثله رواه أبي هريرة ، ( والجواب ) عن { ابن ماجه } أي لا ينقص أجرهما أو لا ينقصان في سنة واحدة معا غالبا ، وقد سبق هذان التأويلان فيه مع غيرهما . شهرا عيد لا ينقصان
( والجواب ) عن حديث { } أنه ضعيف بل منكر باتفاق الحفاظ وإنما الحديث الصحيح في هذا حديث صومكم يوم نحركم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } رواه الصوم يوم تصومون [ ص: 295 ] والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون الترمذي ، وقال : حديث حسن ورواه أبو داود بإسناد حسن ولفظه { } وعن الفطر يوم تفطرون رضي الله عنها قالت : { عائشة } رواه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس الترمذي وقال : هو حديث حسن صحيح ، والله تعالى أعلم .
وعن رضي الله عنهما قال : { ابن عباس محمدا رسول الله قال : نعم ، قال : يا أذن في الناس فليصوموا غدا بلال } رواه جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت الهلال - يعني رمضان - فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، قال : نعم ، قال : أتشهد أن أبو داود وهذا لفظه والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم أبو عبيد الله في المستدرك وغيرهم ، وقال : وهو حديث صحيح ، قال الحاكم الترمذي وغيره : وقد روي مرسلا عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر ، وكذا ورواه ابن عباس أبو داود من بعض طرقه مرسلا ، قال أبو داود والترمذي : ورواه جماعة مرسلا ، وكذا ذكره من طرق موصولا ومن طرق مرسلا ، وطرق الاتصال صحيحة ، وقد سبق مرات أن المذهب الصحيح أن الحديث إذا روي مرسلا ومتصلا احتج به ، لأن مع من وصله زيادة وزيادة الثقة مقبولة ، وقد حكم البيهقي بصحته كما سبق ، فهذان الحديثان هما العمدة في المسألة . الحاكم
( وأما ) حديث عن طاوس ابن عمر رضي الله عنهم قالا : { وابن عباس } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل واحد على هلال رمضان ، وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين وضعفه ، قال : وهذا مما لا ينبغي أن يحتج به قال : وفي الحديثين السابقين كفاية ، ثم روى البيهقي بإسناده ما رواه البيهقي في المسند وغيره بإسناده الصحيح إلى الشافعي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم : " أن رجلا شهد عند رضي الله عنه على رؤية هلال رمضان فصام ، وأحسبه قال : وأمر الناس بالصيام ، وقال : لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " ، ( والجواب ) عما احتج به علي من وجهين ( أحدهما ) أنه مخالف للأحاديث الصحيحة ، فلا يعرج عليه ( والثاني ) أنه يجوز أن يراه بعضهم دون جمهورهم لحسن نظره أو غير ذلك ، وليس [ ص: 294 ] هذا ممتنعا وهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحد وحكم به حاكم لم ينقض بالإجماع ، ووجب الصوم بالإجماع ، ولو كان مستحيلا لم ينفذ حكمه ووجب نقضه ، والجواب عما احتج به الآخرون أن المراد بقوله : ننسك هلال شوال جمعا بين الأحاديث ، أو محمول على الاستحباب والاحتياط ، ولا بد من أحد هذين التأويلين للجمع بين الأحاديث ، وحكى أبو حنيفة الماوردي عن بعض الشيعة أنهم أسقطوا حكم الأهلة ، واعتمدوا العدد ; للحديث السابق عن الصحيحين { } " وبالحديث المروي { شهرا عيد لا ينقصان } ودليلنا عليهم الأحاديث المذكورة هنا مع الأحاديث السابقة { صومكم يوم نحركم } والأحاديث المشهورة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته } أي قد يكون تسعا وعشرين ، وفي روايات { الشهر تسع وعشرون } رواه الشهر هكذا ، وهكذا ، وهكذا ، وأشار بأصبعه العشر ، وحبس الإبهام في الثالثة البخاري . ومسلم
وعن رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عمر } رواه إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا ، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين بلفظه البخاري بمعناه . وعن ومسلم رضي الله عنه قال : { ابن مسعود } رواه ما صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين أبو داود والترمذي .
وعن رضي الله عنها قالت : { عائشة } رواه ما صمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمت معه ثلاثين ، وقال إسناده حسن صحيح وعن الدارقطني مثله رواه أبي هريرة ، ( والجواب ) عن { ابن ماجه } أي لا ينقص أجرهما أو لا ينقصان في سنة واحدة معا غالبا ، وقد سبق هذان التأويلان فيه مع غيرهما . شهرا عيد لا ينقصان
( والجواب ) عن حديث { } أنه ضعيف بل منكر باتفاق الحفاظ وإنما الحديث الصحيح في هذا حديث صومكم يوم نحركم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } رواه الصوم يوم تصومون [ ص: 295 ] والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون الترمذي ، وقال : حديث حسن ورواه أبو داود بإسناد حسن ولفظه { } وعن الفطر يوم تفطرون رضي الله عنها قالت : { عائشة } رواه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس الترمذي وقال : هو حديث حسن صحيح ، والله تعالى أعلم .
( فرع ) قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه لا تقبل ، وحكاه شهادة النساء في هلال رمضان عن ابن المنذر الليث وابن الماجشون المالكي ، ولم يحك عن أحد قبولها .