الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سرية علي بن أبي طالب ، رضي الله تعالى عنه ، إلى اليمن

قال ابن سعد : يقال مرتين : إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجره ، صلى الله عليه وسلم ، وعقد له لواء وعممه بيده ، وقال : "امض ولا تلتفت ، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك" . فخرج في ثلاثمائة فارس ، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد ، وهي بلاد مذحج ، ففرق أصحابه ، فأتوا بنهب غنائم وأطفال ونساء ونعم وشاء وغير ذلك ، وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي ، فجمع إليه ما أصابوا ، ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ، ورموا بالنبل والحجارة ، فصف أصحابه ، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان الأسلمي ، ثم حمل عليهم علي بأصحابه ، فقتل منهم عشرين رجلا ، فتفرقوا وانهزموا ، فكف عن طلبهم ، ثم دعاهم إلى الإسلام فأسرعوا وأجابوا ، وتابعه نفر من رؤسائهم على الإسلام ، وقالوا : نحن على من وراءنا من قومنا ، وهذه صدقاتنا ، فخذ منها حق الله ، وجمع علي الغنائم ، فجزأها على خمسة أجزاء ، فكتب في سهم منها لله ، وأقرع عليها ، فخرج أول السهام سهم الخمس ، وقسم علي على أصحابه بقية المغنم ، ثم قفل فوافى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بمكة، وقد قدمها للحج سنة عشر .

قال الرشاطي : وفي الحديث أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بعث علي بن أبي طالب في سرية إلى اليمن، وذلك في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة ، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد ، وكتب بذلك إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما قرأ كتابه خر لله ساجدا ، ثم جلس فقال : "السلام على همدان" . وتتابع أهل اليمن على الإسلام . انتهى كلام الرشاطي . ويشبه أن تكون هذه هي السرية الأولى ، وما في الأصل هو السرية الثانية ، والله أعلم .

*** [ ص: 359 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية