الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ( 60 ) )

يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين به وبرسوله ، من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - : هاجروا وجاهدوا في الله أيها المؤمنون أعداءه ، ولا تخافوا عيلة ولا إقتارا ، فكم من دابة ذات حاجة إلى غذاء ومطعم ومشرب ( لا تحمل رزقها ) ، يعني : غذاءها لا تحمله ، فترفعه في يومها لغدها لعجزها عن ذلك ( الله يرزقها وإياكم ) يوما بيوم ( وهو السميع ) لأقوالكم : نخشى بفراقنا أوطاننا العيلة ( العليم ) ما في أنفسكم ، وما إليه صائر أمركم ، وأمر عدوكم ، من إذلال الله إياهم ، ونصرتكم عليهم ، وغير ذلك من أموركم ، لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله ) قال : الطير والبهائم لا تحمل الرزق .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت عمران ، عن أبي مجلز في هذه الآية ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ) قال : من الدواب ما لا يستطيع أن يدخر لغد ، يوفق لرزقه كل يوم حتى يموت .

حدثنا ابن وكيع قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن علي بن الأقمر ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها ) قال : لا تدخر شيئا لغد .

التالي السابق


الخدمات العلمية