قال المصنف رحمه الله تعالى ( ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { ولا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام إلا بالنية } ولأنه عبادة محضة فلم يصح من غير نية كالصلاة ، وتجب النية لكل يوم ، لأن صوم كل يوم عبادة منفردة يدخل وقتها بطلوع ، الفجر ويخرج وقتها بغروب الشمس لا يفسد بفساد ما قبله ، ولا بفساد ما بعده ، فلم تكفه نية واحدة كالصلوات ، ولا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصوم الواجب بنية من النهار ، لما روت إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } وهل تجوز نيته مع طلوع الفجر ؟ فيه وجهان ( من ) أصحابنا من قال : يجوز ; لأنه عبادة فجازت بنية تقارن ابتداءها كسائر العبادات ، وقال أكثر أصحابنا : لا يجوز إلا بنية من الليل ; لحديث من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له حفصة رضي الله عنها ولأن أول وقت الصوم يخفى ، فوجب تقديم النية عليه بخلاف سائر العبادات ، فإذا قلنا بهذا فهل تجوز النية في جميع الليل ؟ فيه وجهان ( من ) أصحابنا من قال : لا تجوز النية إلا في النصف الثاني ، [ ص: 301 ] قياسا على أذان الصبح والدفع من المزدلفة ، وقال أكثر أصحابنا : يجوز في جميع الليل ; لحديث حفصة ، ولأنا لو أوجبنا النية في النصف الثاني ضاق على الناس ذلك وشق ، وإن نوى بالليل ثم أكل أو جامع لم تبطل نيته ، وحكي عن أنه قال : تبطل ; لأن الأكل ينافي الصوم فأبطل النية ، والمذهب الأول ، وقيل : إن أبي إسحاق رجع عن ذلك ، والدليل أن الله تعالى أحل الأكل إلى طلوع الفجر ، فلو كان الأكل يبطل النية لما جاز أن يأكل إلى الفجر ; لأنه يبطل النية ) . أبا إسحاق
- صوم النفل بنية من النهار
- تعيين النية في الصيام
- صفة النية في الصيام
- فرع نوى صوم يوم وأخطأ في وصفه
- فرع حكم التعيين في صوم القضاء والكفارة
- ينبغي أن تكون النية جازمة
- دخل في صوم ثم نوى قطعه
- فرع مذاهب العلماء في نية الصوم
- فرع مذاهب العلماء في نية صوم رمضان
- فرع مذاهب العلماء في النية لكل يوم من كل صوم
- فرع مذاهب العلماء في تعيين النية
- فرع مذاهب العلماء فيمن أصبح في رمضان بلا نية ثم جامع قبل الزوال
- فرع مذاهب العلماء في نية صوم التطوع
التالي
السابق
( الشرح ) حديث { } رواه إنما الأعمال بالنيات البخاري من رواية ومسلم رضي الله عنه وسبق بيانه واضحا في باب نية الوضوء ، وحديث عمر بن الخطاب حفصة رضي الله عنها رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد كثيرة الاختلاف ، وروي مرفوعا كما ذكره والبيهقي المصنف ، وموقوفا من رواية الزهري عن عن أبيه عن أخته سالم بن عبد الله بن عمر حفصة وإسناده صحيح في كثير من الطرق ، فيعتمد عليه ، ولا يضر كون بعض طرقه ضعيفا أو موقوفة ، فإن الثقة الواصل له مرفوعا معه زيادة علم ، فيجب قبولها كما سبق تقريره مرات ، وأكثر الحفاظ رواية لطرقه المختلفة ثم النسائي ، وذكره البيهقي في طرق كثيرة موقوفا على النسائي حفصة ، وفي بعضها موقوفا على ، وفي بعضها عن عبد الله بن عمر عائشة وحفصة موقوفا عليها ، وقال الترمذي : لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وقد روي عن عن نافع [ من ] قوله وهو أصح . وقال ابن عمر : هذا حديث قد اختلف على البيهقي الزهري في إسناده وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : وعبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه ، وهو من الثقات الأثبات ، وقال : رفعه الدارقطني عبد الله بن أبي بكر وهو من الثقات الرفعاء ، ورواه من رواية البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عائشة } قال من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له : قال البيهقي : إسناده كلهم ثقات ( الدارقطني قلت ) والحديث حسن يحتج به اعتمادا على رواية الثقات الرافعين ، والزيادة من الثقة مقبولة ، والله تعالى أعلم . [ ص: 302 ] وفي بعض الروايات { } وفي بعضها يجمع ويجمع بالتخفيف والتشديد ، وكله بمعنى ، والله تعالى أعلم يبيت الصيام من الليل
( وأما ) قول المصنف : ولأنه عبادة محضة فاحتراز من العدة والكتابة وقضاء الدين ونحوها ، ( أما أحكام الفصل ) ففيه مسائل : ( إحداها ) قال والأصحاب رحمهم الله تعالى : لا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام الواجب والمندوب إلا بالنية ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، فلا يصح صوم في حال من الأحوال إلا بنية ; لما ذكره الشافعي المصنف ، ومحل النية القلب ولا يشترط بلا خلاف ، ولا يكفي عن نية القلب بلا خلاف ولكن يستحب التلفظ مع القلب كما سبق في الوضوء والصلاة ( الثانية ) تجب نطق اللسان ، سواء رمضان وغيره ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، فلو النية كل يوم لم تصح هذه النية لغير اليوم الأول ; لما ذكره نوى في أول ليلة من رمضان صوم الشهر كله المصنف ، وهل تصح لليوم الأول ؟ فيه خلاف ، والمذهب صحتها له ، وبه قطع أبو الفضل بن عبدان وغيره ، وتردد فيه الشيخ من حيث إن النية قد فسد بعضها . أبو محمد الجويني
( الثالثة ) شرط في صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب ، فلا يصح صوم رمضان ، ولا القضاء ، ولا الكفارة ، ولا صوم فدية الحج وغيرها من الصوم الواجب بنية من النهار بلا خلاف ، وفي صوم النذر طريقان ( المذهب ) وبه قطع الجمهور وهو المنصوص في المختصر : لا يصح بنية من النهار . تبييت النية
( والثاني ) فيه وجهان بناء على أنه هل يسلك به في الصفات مسلك واجب الشرع ؟ أم جائزه ومندوبه ( إن قلنا ) كواجب ، لم يصح بنية النهار ، وإلا فيصح كالنفل وممن حكى هذا الطريق المتولي هنا والغزالي وجماعات من الخراسانيين في كتاب النذر ، والمذهب يفرق بين هذه المسألة وباقي مسائل الخلاف في النذر ، هل يسلك به مسلك الواجب ؟ أم [ ص: 303 ] المندوب ؟ بأن الحديث هنا عام في اشتراط تبييت النية للصوم خص منه النفل بدليل ، وبقي النذر على العموم ، والله أعلم ، قال أصحابنا : فلو لم يصح بلا خلاف ، ولو نوى قبيل غروب الشمس بلحظة ، أو عقب طلوع الفجر بلحظة فوجهان مشهوران ذكرهما نوى مع الفجر المصنف بدليليهما ( الصحيح ) عند المصنف وسائر المصنفين أنه لا يجوز ، وهو قول أكثر أصحابنا المتقدمين كما ذكره المصنف ، وقطع به الماوردي والمحاملي في كتبه وآخرون ، والمعتمد في دليله ما ذكره المصنف .
( وأما ) ما ذكره صاحب الشامل حيث ذكر هذا ثم قال : ولأن من أصحابنا من أوجب إمساك جزء من الليل ليكمل له صوم جميع النهار ، فوجب تقديم النية ليستوعبه فغلط ، لأن الصوم لا يجب فيه إمساك جزء من الليل ; لقوله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } وإنما يجب إمساك جزء من الليل بعد غروب الشمس ليتحقق كمال النهار ، والله أعلم ، ( فرع ) لو لم ينعقد لما نواه ، وفي انعقاده نفلا وجهان ، حكاهما نوى بعد الفجر وقبل الزوال في غير رمضان صوم قضاء أو نذر المتولي قال : وهما مبنيان على القولين فيمن صلى الظهر قبل الزوال ، ( فرع ) لا يصح إلا بنية من الليل ولهذا قلنا في المسألة الثالثة : تبييت النية شرط في صوم رمضان وغيره من الواجب ، وكذا قال صوم الصبي المميز في رمضان المصنف : لا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام الواجب إلا بنية من الليل ، وتقديره : لا يصح صوم رمضان من أحد إلا بنية من الليل ، ولا يصح الواجب إلا بنية من الليل ، ( الرابعة ) تصح ، ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر قال النية في جميع الليل المتولي وغيره : فلو صحت نيته ، هذا هو المذهب وبه قطع جمهور أصحابنا المتقدمين [ ص: 304 ] وجماعات من المصنفين . نوى الصوم في صلاة المغرب
وفيه وجه أنه لا تصح النية إلا في النصف الثاني من الليل ، حكاه المصنف والأصحاب ولم يبين الجمهور قائله ، وبينه السرخسي في الأمالي فقال : هو أبو الطيب بن سلمة ، واتفق أصحابنا على تغليطه فيه ، وأما قول المصنف : فإذا قلنا بهذا فهل تجوز النية في جميع الليل ؟ فيه وجهان ، فعبارة مشكلة ; لأنها توهم اختصاص الخلاف بما إذا قلنا : لا تجوز النية مع الفجر ، ولم يقل هذا أحد من أصحابنا ، بل الخلاف المذكور في اشتراط النية في النصف الثاني جار سواء جوزنا النية مع الفجر أم لا ، لأن من جوزها مع الفجر لا يمنع صحتها قبله ، وهذا لا خلاف فيه فلا بد من تأويل كلام المصنف ، والله أعلم . وأما قياس ابن سلمة على أذان الصبح والدفع من المزدلفة فقياس عجيب ، وأي علة تجمعهما ؟ ، ولو جمعتهما علة فالفرق ظاهر ; لأن اختصاص الأذان والدفع بالنصف الثاني لا حرج فيه بخلاف النية ، فقد يستغرق كثير من الناس النصف الثاني بالنوم فيؤدي إلى تفويت الصوم ، وهذا حرج شديد لا أصل له ، والله أعلم ، ( الخامسة ) إذا لم تبطل نيته ، وهكذا لو نوى ونام ثم انتبه قبل الفجر ، لم تبطل نيته ولا يلزمه تجديدها هذا هو الصواب الذي نص عليه نوى بالليل الصوم ثم أكل أو شرب أو جامع أو أتى بغير ذلك من منافيات الصوم . الشافعي
وقطع به جمهور الأصحاب ، إلا ما حكاه المصنف وكثيرون ، بل الأكثرون عن أنه قال : تبطل نيته بالأكل والجماع وغيرهما من المنافيات ، ويجب تجديدها فإن لم يجددها في الليل لم يصح صومه ، قال وكذا لو نوى ونام ثم انتبه قبل الفجر لزمه تجديدها ، فإن لم يجددها لم يصح صومه ، ولو استمر نومه إلى الفجر لم يضره وصح صومه . وهذا المحكي عن أبي إسحاق المروزي غلط باتفاق الأصحاب لما ذكره أبي إسحاق المصنف . قال المصنف وآخرون : " وقيل : إن رجع عنه " وقال أبا إسحاق ابن الصباغ وآخرون : " هذا النقل لا يصح عن " وقال أبي إسحاق إمام الحرمين : " رجع عن هذا عام حج وأشهد على نفسه " وقال أبو إسحاق في المجرد : " هذا الذي قاله القاضي أبو الطيب غلط " قال : وحكى أن أبو إسحاق أبا سعيد الإصطخري لما بلغه قول [ ص: 305 ] هذا ، قال ، " هذا خلاف إجماع المسلمين " قال ، ويستتاب أبي إسحاق هذا . أبو إسحاق
وقال الدارمي حكى ابن القطان عن أبي بكر الحازمي أنه حكى للإصطخري قول هذا ، فقال : خرق الإجماع ، حكاه أبي إسحاق الحازمي بحضرة لأبي إسحاق ابن القطان فلم يتكلم ، قال : فلعله رجع ، فحصل أن الصواب أن النية لا تبطل بشيء من هذا ، قال أبو إسحاق إمام الحرمين : وفي كلام العراقيين تردد في أن الغفلة هل تنزل منزلة النوم ؟ يعني أنه إذا تذكر بعدها يجب تجديد النية على الوجه المنسوب إلى ، قال : والمذهب اطراح كل هذا ، والله أعلم ، . أبي إسحاق
( وأما ) قول المصنف : ولأنه عبادة محضة فاحتراز من العدة والكتابة وقضاء الدين ونحوها ، ( أما أحكام الفصل ) ففيه مسائل : ( إحداها ) قال والأصحاب رحمهم الله تعالى : لا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام الواجب والمندوب إلا بالنية ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، فلا يصح صوم في حال من الأحوال إلا بنية ; لما ذكره الشافعي المصنف ، ومحل النية القلب ولا يشترط بلا خلاف ، ولا يكفي عن نية القلب بلا خلاف ولكن يستحب التلفظ مع القلب كما سبق في الوضوء والصلاة ( الثانية ) تجب نطق اللسان ، سواء رمضان وغيره ، وهذا لا خلاف فيه عندنا ، فلو النية كل يوم لم تصح هذه النية لغير اليوم الأول ; لما ذكره نوى في أول ليلة من رمضان صوم الشهر كله المصنف ، وهل تصح لليوم الأول ؟ فيه خلاف ، والمذهب صحتها له ، وبه قطع أبو الفضل بن عبدان وغيره ، وتردد فيه الشيخ من حيث إن النية قد فسد بعضها . أبو محمد الجويني
( الثالثة ) شرط في صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب ، فلا يصح صوم رمضان ، ولا القضاء ، ولا الكفارة ، ولا صوم فدية الحج وغيرها من الصوم الواجب بنية من النهار بلا خلاف ، وفي صوم النذر طريقان ( المذهب ) وبه قطع الجمهور وهو المنصوص في المختصر : لا يصح بنية من النهار . تبييت النية
( والثاني ) فيه وجهان بناء على أنه هل يسلك به في الصفات مسلك واجب الشرع ؟ أم جائزه ومندوبه ( إن قلنا ) كواجب ، لم يصح بنية النهار ، وإلا فيصح كالنفل وممن حكى هذا الطريق المتولي هنا والغزالي وجماعات من الخراسانيين في كتاب النذر ، والمذهب يفرق بين هذه المسألة وباقي مسائل الخلاف في النذر ، هل يسلك به مسلك الواجب ؟ أم [ ص: 303 ] المندوب ؟ بأن الحديث هنا عام في اشتراط تبييت النية للصوم خص منه النفل بدليل ، وبقي النذر على العموم ، والله أعلم ، قال أصحابنا : فلو لم يصح بلا خلاف ، ولو نوى قبيل غروب الشمس بلحظة ، أو عقب طلوع الفجر بلحظة فوجهان مشهوران ذكرهما نوى مع الفجر المصنف بدليليهما ( الصحيح ) عند المصنف وسائر المصنفين أنه لا يجوز ، وهو قول أكثر أصحابنا المتقدمين كما ذكره المصنف ، وقطع به الماوردي والمحاملي في كتبه وآخرون ، والمعتمد في دليله ما ذكره المصنف .
( وأما ) ما ذكره صاحب الشامل حيث ذكر هذا ثم قال : ولأن من أصحابنا من أوجب إمساك جزء من الليل ليكمل له صوم جميع النهار ، فوجب تقديم النية ليستوعبه فغلط ، لأن الصوم لا يجب فيه إمساك جزء من الليل ; لقوله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } وإنما يجب إمساك جزء من الليل بعد غروب الشمس ليتحقق كمال النهار ، والله أعلم ، ( فرع ) لو لم ينعقد لما نواه ، وفي انعقاده نفلا وجهان ، حكاهما نوى بعد الفجر وقبل الزوال في غير رمضان صوم قضاء أو نذر المتولي قال : وهما مبنيان على القولين فيمن صلى الظهر قبل الزوال ، ( فرع ) لا يصح إلا بنية من الليل ولهذا قلنا في المسألة الثالثة : تبييت النية شرط في صوم رمضان وغيره من الواجب ، وكذا قال صوم الصبي المميز في رمضان المصنف : لا يصح صوم رمضان ولا غيره من الصيام الواجب إلا بنية من الليل ، وتقديره : لا يصح صوم رمضان من أحد إلا بنية من الليل ، ولا يصح الواجب إلا بنية من الليل ، ( الرابعة ) تصح ، ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر قال النية في جميع الليل المتولي وغيره : فلو صحت نيته ، هذا هو المذهب وبه قطع جمهور أصحابنا المتقدمين [ ص: 304 ] وجماعات من المصنفين . نوى الصوم في صلاة المغرب
وفيه وجه أنه لا تصح النية إلا في النصف الثاني من الليل ، حكاه المصنف والأصحاب ولم يبين الجمهور قائله ، وبينه السرخسي في الأمالي فقال : هو أبو الطيب بن سلمة ، واتفق أصحابنا على تغليطه فيه ، وأما قول المصنف : فإذا قلنا بهذا فهل تجوز النية في جميع الليل ؟ فيه وجهان ، فعبارة مشكلة ; لأنها توهم اختصاص الخلاف بما إذا قلنا : لا تجوز النية مع الفجر ، ولم يقل هذا أحد من أصحابنا ، بل الخلاف المذكور في اشتراط النية في النصف الثاني جار سواء جوزنا النية مع الفجر أم لا ، لأن من جوزها مع الفجر لا يمنع صحتها قبله ، وهذا لا خلاف فيه فلا بد من تأويل كلام المصنف ، والله أعلم . وأما قياس ابن سلمة على أذان الصبح والدفع من المزدلفة فقياس عجيب ، وأي علة تجمعهما ؟ ، ولو جمعتهما علة فالفرق ظاهر ; لأن اختصاص الأذان والدفع بالنصف الثاني لا حرج فيه بخلاف النية ، فقد يستغرق كثير من الناس النصف الثاني بالنوم فيؤدي إلى تفويت الصوم ، وهذا حرج شديد لا أصل له ، والله أعلم ، ( الخامسة ) إذا لم تبطل نيته ، وهكذا لو نوى ونام ثم انتبه قبل الفجر ، لم تبطل نيته ولا يلزمه تجديدها هذا هو الصواب الذي نص عليه نوى بالليل الصوم ثم أكل أو شرب أو جامع أو أتى بغير ذلك من منافيات الصوم . الشافعي
وقطع به جمهور الأصحاب ، إلا ما حكاه المصنف وكثيرون ، بل الأكثرون عن أنه قال : تبطل نيته بالأكل والجماع وغيرهما من المنافيات ، ويجب تجديدها فإن لم يجددها في الليل لم يصح صومه ، قال وكذا لو نوى ونام ثم انتبه قبل الفجر لزمه تجديدها ، فإن لم يجددها لم يصح صومه ، ولو استمر نومه إلى الفجر لم يضره وصح صومه . وهذا المحكي عن أبي إسحاق المروزي غلط باتفاق الأصحاب لما ذكره أبي إسحاق المصنف . قال المصنف وآخرون : " وقيل : إن رجع عنه " وقال أبا إسحاق ابن الصباغ وآخرون : " هذا النقل لا يصح عن " وقال أبي إسحاق إمام الحرمين : " رجع عن هذا عام حج وأشهد على نفسه " وقال أبو إسحاق في المجرد : " هذا الذي قاله القاضي أبو الطيب غلط " قال : وحكى أن أبو إسحاق أبا سعيد الإصطخري لما بلغه قول [ ص: 305 ] هذا ، قال ، " هذا خلاف إجماع المسلمين " قال ، ويستتاب أبي إسحاق هذا . أبو إسحاق
وقال الدارمي حكى ابن القطان عن أبي بكر الحازمي أنه حكى للإصطخري قول هذا ، فقال : خرق الإجماع ، حكاه أبي إسحاق الحازمي بحضرة لأبي إسحاق ابن القطان فلم يتكلم ، قال : فلعله رجع ، فحصل أن الصواب أن النية لا تبطل بشيء من هذا ، قال أبو إسحاق إمام الحرمين : وفي كلام العراقيين تردد في أن الغفلة هل تنزل منزلة النوم ؟ يعني أنه إذا تذكر بعدها يجب تجديد النية على الوجه المنسوب إلى ، قال : والمذهب اطراح كل هذا ، والله أعلم ، . أبي إسحاق