الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سفن ]

                                                          سفن : السفن : القشر . سفن الشيء يسفنه سفنا : قشره ; قال : امرؤ القيس :


                                                          فجاء خفيا يسفن الأرض بطنه ترى الترب منه لاصقا كل ملصق

                                                          وإنما جاء متلبدا على الأرض لئلا يراه الصيد فينفر منه . والسفينة : الفلك لأنها تسفن وجه الماء أي تقشره ، فعيلة بمعنى فاعلة ، وقيل لها سفينة لأنها تسفن الرمل إذا قل الماء ، قال : ويكون مأخوذا من السفن ، وهو الفأس التي ينحت بها النجار ، فهي في هذه الحال فعيلة بمعنى مفعولة ، وقيل : سميت السفينة سفينة لأنها تسفن على وجه الأرض أي تلزق بها ، قال ابن دريد : سفينة فعيلة بمعنى فاعلة كأنها تسفن الماء أي تقشره ، والجمع سفائن وسفن وسفين ; قال عمرو بن كلثوم :


                                                          ملأنا البر حتى ضاق عنا     وموج البحر نملؤه سفينا

                                                          وقال العجاج :


                                                          وهم رعل الآل أن يكونا     بحرا يكب الحوت والسفينا

                                                          وقال المثقب العبدي :


                                                          كأن حدوجهن على سفين

                                                          سيبويه : أما سفائن فعلى بابه ، وفعل داخل عليه لأن فعلا في مثل هذا قليل ، وإنما شبهوه بقليب وقلب كأنهم جمعوا سفينا حين علموا أن الهاء ساقطة ، شبهوها بجفرة وجفار حين أجروها مجرى جمد وجماد . والسفان : صانع السفن وسائسها ، وحرفته السفانة . والسفن : الفأس العظيمة ; قال بعضهم : لأنها تسفن أي تقشر ، قال ابن سيده : وليس عندي بقوي . ابن السكيت : السفن والمسفن والشفر أيضا قدوم تقشر به الأجذاع ; وقال ذو الرمة يصف ناقة أنضاها السير :


                                                          تخوف السير منها تامكا قردا     كما تخوف عود النبعة السفن

                                                          يعني تنقص . الجوهري : السفن ما ينحت به الشيء ; والمسفن مثله ; وقال :


                                                          وأنت في كفك المبراة والسفن

                                                          يقول : إنك نجار ; وأنشد ابن بري لزهير :


                                                          ضربا كنحت جذوع الأثل بالسفن

                                                          والسفن : جلد أخشن غليظ كجلود التماسيح يكون على قوائم السيوف ، وقيل : هو حجر ينحت به ويلين ، وقد سفنه سفنا وسفنه . وقال أبو حنيفة : السفن قطعة خشناء من جلد ضب أو جلد سمكة يسحج بها القدح حتى تذهب عنه آثار المبراة ، وقيل : السفن جلد السمك الذي تحك به السياط والقدحان والسهام والصحاف ، ويكون على قائم السيف ; وقال عدي بن زيد يصف قدحا :


                                                          رمه الباري فسوى درأه     غمز كفيه وتحليق السفن

                                                          وقال الأعشى :


                                                          وفي كل عام له غزوة     تحك الدوابر حك السفن

                                                          أي تأكل الحجارة دوابر لها من بعد الغزو . وقال الليث : وقد يجعل من الحديد ما يسفن به الخشب أي يحك به حتى يلين ، وقيل : السفن جلد الأطوم ، وهي سمكة بحرية تسوى قوائم السيوف من جلدها . وسفنت الريح التراب تسفنه سفنا : جعلته دقاقا ; وأنشد :


                                                          إذا مساحيج الرياح السفن

                                                          أبو عبيد : السوافن الرياح التي تسفن وجه الأرض كأنها تمسحه ، وقال غيره : تقشره ، الواحدة سافنة ، وسفنت الريح التراب عن وجه الأرض ; وقال اللحياني : سفنت الريح تسفن سفونا وسفنت إذا هبت على وجه الأرض ، وهي ريح سفون إذا كانت أبدا هابة ; وأنشد :


                                                          مطاعيم للأضياف في كل شتوة     سفون الرياح تترك الليط أغبرا

                                                          والسفينة : اسم ، وبه سمي عبد أو عسيف متكهن كان لعلي بن أبي [ ص: 203 ] طالب ، رضي الله عنه : وأخبرني أبو العلاء أنه إنما سمي سفينة لأنه كان يحمل الحسن والحسين أو متاعهما ، فشبه بالسفينة من الفلك . وسفانة : بنت حاتم طيئ ، وبها كان يكنى . وورد في الحديث ذكر سفوان ، بفتح السين والفاء ، واد من ناحية بدر بلغ إليه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في طلب كرز الفهري لما أغار على سرح المدينة ، وهي غزوة بدر الأولى ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية