الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4888 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في (الباب الغابر) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 35، 36 جـ 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن سهيل قال كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته [ ص: 615 ] اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سهل؛ قال: كان أبو صالح يأمرنا - إذا أراد أحدنا: أن ينام -: أن يضطجع على شقه الأيمن، ثم يقول: اللهم ! رب السماوات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم ! ربنا، ورب كل شيء. فالق الحب، والنوى !) أي: الذي يشق حب الطعام، ونوى التمر، ونحوها: للإنبات. (ومنزل التوراة، والإنجيل، والفرقان: أعوذ بك: من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته) . أي: من شر كل مخلوق. لأنها كلها: في سلطانه. وهو آخذ بنواصيها.

                                                                                                                              (اللهم ! أنت الأول) أي: القديم، الذي لا ابتداء له. (فليس قبلك شيء. وأنت الآخر) أي: الباقي بعد فناء خلقه، لا انتهاء له، ولا انقضاء. (فليس بعدك شيء وأنت الظاهر) أي: الذي ظهر فوق كل شيء، وعلى كل شيء (فليس فوقك شيء. وأنت الباطن) . أي: [ ص: 616 ] الذي حجب أبصار الخلائق، عن إدراكه، (فليس دونك شيء) أي: لا يحجبك شيء عن إدراك مخلوقاتك.

                                                                                                                              قال النووي : أما معنى "الظاهر" من أسماء الله تعالى، فقيل: هو من الظهور، بمعنى: القهر، والغلبة، وكمال القدرة. ومنه: "ظهر فلان، على فلان.

                                                                                                                              وقيل: الظاهر: بالدلائل القطعية. والباطن: المحتجب عن خلقه. وقيل: العالم بالخفيات.

                                                                                                                              وأما تسميته سبحانه وتعالى "بالآخر"؛ فقال الباقلاني: معناه: الباقي بصفاته: من العلم، والقدرة، وغيرهما: التي كان عليها في الأزل، ويكون كذلك: بعد موت الخلائق، وذهاب علومهم، وقدرهم، وحواسهم وتفرق أجسامهم.

                                                                                                                              قال: وتعلقت المعتزلة: بهذا الاسم، فاحتجوا به لمذهبهم: في فناء الأجسام، وذهابها بالكلية. قالوا: ومعناه: الباقي بعد فناء خلقه.

                                                                                                                              ومذهب أهل الحق: خلاف ذلك. وأن المراد: الآخر بصفاته: بعد ذهاب صفاتهم. ولهذا يقال: "آخر من بقي من بني فلان: فلان". يراد حياته، ولا يراد: فناء أجسام موتاهم، وعدمها. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 617 ] (اقض عنا الدين) يحتمل: أن المراد بالدين هنا: حقوق الله تعالى، وحقوق العباد كلها، من جميع الأنواع.

                                                                                                                              (وأغننا من الفقر. وكان يروي ذلك: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم ) فهو مرفوع، متصل إليه. صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أيضا: أهل السنن.




                                                                                                                              الخدمات العلمية