الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب اليمين مع الشاهد ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى ، وقد حكيت مما ذكر الله عز وجل في كتابه من الشهادات ، وكان الكتاب كالدليل على أنها يحكم بها على ما فرض الله بغير يمين على من كانت له تلك الشهادات ، وكانت على ذلك دلالة السنة ، ثم الآثار وما لا أعلم بين أحد لقيته فحفظت عنه من أهل العلم في ذلك مخالفا قال وذكر الله عز وجل في الزنا أربعة وذكر في الطلاق والرجعة ، والوصية اثنين ، ثم كان القتل ، والجراح من الحقوق التي لم يذكر فيها عدد الشهود الذين يقطع بهم فاحتمل أن تقاس على شهود الزنا وأن تقاس على شهود الطلاق وما سمينا معه فلما احتمل المعنيين معا ، ثم لم أعلم مخالفا لقيته من أهل العلم إلا واحدا في أنه يجوز فيما سوى الزنا شاهدان فكان الذي عليه أكثر من لقيت من أهل العلم أولى أن يقال به مما انفرد به واحد لا أعرف له متقدما إذا احتمل القياس خلاف قوله وإن احتمل القياس قوله ، وكذلك شهادة الشهود على الخمر وغير ذلك ، وكذلك الشهادة على القذف فإن قال قائل فإن الله عز وجل يقول في القذفة { لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء } الآية وقال { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } قيل له : هذا كما قال الله عز وجل ; لأن الله حكم في الزنا بأربعة فإذا قذف رجل رجلا بالزنا لم يخرجه من الحد إلا أن يقيم عليه بينة بأنه زان ولا يكون عليه بينة تقطع أقل من أربعة وما لم يتموا أربعة فهو قاذف يحد وإنما أريد بالأربعة أن يثبت عليه الزنا فيخرج من ذلك القاذف ويحد المشهود عليه المقذوف وحكمهم معا حكم شهود الزنا لأنهن شهادات على الزنا لا على القذف فإذا قام على رجل شاهدان بأنه قذف رجلا حد ; لأنه لم يذكر عدد شهود القذف فكان قياسا على الطلاق وغيره مما وصفت ولا يخرج من أن يحد له إلا بأربعة شهداء يثبتون الزنا على المقذوف فيحد ويكون هذا صادقا في الظاهر والله تعالى الموفق .

اليمين مع الشاهد

( أخبرنا الربيع ) قال ( قال الشافعي ) فأكثر ما جعل الله عز وجل من الشهود في الزنا أربعة وفي [ ص: 91 ] الدين رجلان أو رجل وامرأتان فكان تفريق الله عز وجل بين الشهادات على ما حكم الله عز وجل من أنها مفترقة واحتمل إذا كان أقل ما ذكر الله من الشهادات شاهدين ، أو شاهدا وامرأتين أن يكون أراد ما تتم به الشهادة بمعنى لا يكون على المشهود له يمين إذا أتى بكمال الشهادة فيعطى بالشهادة دون يمينه لا أن الله عز وجل حتم أن لا يعطى أحد بأقل من شاهدين ، أو شاهد وامرأتين ; لأنه لم يحرم أن يجوز أقل من ذلك نصا في كتاب الله عز وجل ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وبهذا نقول ; لأن عليه دلالة السنة ، ثم الآثار وبعض الإجماع ، والقياس فقلنا يقضى باليمين مع الشاهد فسألنا سائل ما رويت منها ؟ فقلنا : أخبرنا عبد الله بن الحارث عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد } قال عمرو في الأموال ( أخبرنا الربيع ) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن معاذ بن عبد الرحمن عن ابن عباس ورجل آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه لا أحفظ اسمه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد } ( أخبرنا الربيع ) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن جعفر بن محمد قال سمعت الحكم بن عتيبة يسأل أبي أقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد ؟ قال نعم وقضى بها علي رضي الله عنه بين أظهركم قال مسلم وقال جعفر في حديثه في الدين ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فحكمنا باليمين مع الشاهد في الأموال دون ما سواها وما حكمنا فيه باليمين مع الشاهد أجزنا فيه شهادة النساء مع الرجال وما لم نحكم فيه باليمين مع الشاهد لم نجز فيه شهادة النساء مع الرجال استدلالا بمعنى كتاب الله عز وجل الذي وصفت في شهادتهن قبل هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية