الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 229 ] باب

الهمز المتحرك

أجمع نقاط أهل المصرين وتابعيهم على جعل الهمزة المفتوحة الممدودة بعد الألف ، وهو جبهتها ويسارها ، وعلى جعل المقصورة قبل الألف ، وهو قفاها ويمينها .

فالممدودة نحو : " ءامن " ، و " ءامنوا " ، و " ءادم " ، و " ءازر " ، و " ءاخر " ، و " ءاخرون " ، و " ءاتوهم " ، و " ما ءاتوا " ، و " ءاتاكم " وشبهه .

والمقصورة نحو : أفأمن ، و أفأمنوا ، و فأتاهم الله ، و بما أتوا ، و أمر ، و أخذ ، و أتى ، وشبهه . وكذا : [ ص: 230 ] أتتخذنا ، و أتهلكنا ، و " ءأنذرتهم " ، و " ءأنتم أعلم " على مذهب من حقق الهمزتين .

قال ابن مجاهد : الممدود من الهمز تطرح النقطة فيه على يسار الألف ، وهو وجهها ، كقوله : " ولو ءامن " . والمقصور تطرح النقطة فيه على يمين الألف ، كقوله : أم أمنتم .

قال : وإذا كانت الهمزة ممدودة في آخر حرف مثل : والسماء بناء ، وما أشبه ذلك طرحت الهمزة على يسار الألف غير مقيدة . والنقطة الثانية العليا التي في بناء هي التنوين ، والأولى هي الهمزة . واستغنت بطرحك إياها في أعلى الألف عن النصب ، إذ كان الرفع قدام الألف ، قريبا من أسفلها ، مثل : وغيض الماء . والمخفوض في أسفلها مثل : يعصمني من الماء . فنابت النقطة عن الإعراب والهمزة جميعا .

وقال عبد الرحمن بن إسحاق النحوي : كل ألف استفهام ، أو ألف غير ممدودة مفتوحة ، فالنقطة في قفاها .

وقال ابن أشته : النقطة في المقصورة على يمين الألف في البياض . ليس على الألف إلا على قدر ما يخالطها على قفاها في البياض .

قال : والهمزة مع الواو تقاس بالعين ، فإذا صارت العين خلف الواو نحو : [ ص: 231 ] يئوسا ، و رءوس ، و " يستهزءون " ، و " قل استهزءوا " ، و كما تبرءوا ، و مبرءون فالنقطة في قفا الواو . وإن كانت الهمزة هي العين ، نحو : تؤزهم ، و يكلؤكم فالنقطة في صدر الواو . ومن مد رءوف فالنقطة في قفا الواو . ومن قصره فالنقطة في صدر الواو .

قال : وأما جزاء ، و سواء فعلى المد نقطتان في صدر الألف .

* * *

وإذا جاءت مع التنوين همزة في حرف فعليه ثلاث نقطات : نقطة للهمزة ، ونقطتان للتنوين ، إذا كان جرا أو رفعا أو نصبا . وإذا لم تكن معه همزة فنقطتان ، نحو قوله : خزي ، و ولي ، و لقوي .

[ ص: 232 ] قال : أما قوله : " نبؤا عظيم " ، و " إن امرؤا هلك " فتحتاج إلى ثلاث نقطات : واحدة للهمزة ، وواحدة للحركة ، وواحدة للتنوين . وكذلك كل حرف فيه همزة متحركة وتنوين .

قال : و "علمؤا"، و "العلمؤا" ، و "الضعفؤا"، و "شركؤا" ، و "شفعؤا"، و "ينبؤا" ، ونظائرها مما كتب بالواو والألف ، فالنقطة في صدر الواو . وكذلك ينقط " لتنوأ بالعصبة " ، و " يبدؤا الخلق " ، و " يدرؤا عنها " .

* * *

وقال ابن المنادي : قوله تعالى : أشداء على الكفار تطرح في قفا الألف نقطة ، تجعلها في ثلثي قامة الألف ، وإن شئت في نصفها ، وإن شئت قريبا من طرفها . كل ذلك في القفا . ولا تجعلها دون النصف البتة ، فتدل على أنها مقصورة مفتوحة . وتطرح تحت الشين نقطة للكسرة ، وفوق الدال نقطة للفتحة المشددة . وبعضهم يجعل هذه النقطة للفتحة المشددة ، وبعضهم يجعلها دليلا على المد الذي يقيد بنقطتين ، مثل قوله : رحماء بينهم .

[ ص: 233 ] وآخرون يذكرون أن المقيد لا يكون إلا في كلمة همزتها مفتوحة مقيدة . وعلى هذا القول العمل ، وأكثر النقاط عليه . وتطرح نقطة قدام الألف للمدة المرفوعة . وينبغي أن تطرحها في نصف الألف . فإن ذلك أصوب وأحسن ما جعله النقاط في هذه الألف المرفوعة الممدودة . وتكون النقطة فوق الحاء للفتحة .

" إن أولياءه " النقطة مكان الواو .

سوء الحساب ، و سوء عمله النقطة الأولى لضم السين ، والثانية للرفعة .

" من وراءي حجاب " النقطة في أسفل الألف ، منتحية عن أسفلها عن يمين الياء قليلا .

سواء السبيل ، وراء ظهورهم ، لقاءنا النقطة في هذا النحو بعد الألف ، على جبهتها ، عالية قليلا عن يسارها ، غير شاخصة من بدن الألف .

قال : وفي المصحف العتيق : " إلى أوليئهم " بنقطة فوق الياء للفتحة ، [ ص: 234 ] ونقطة بين الياء والهاء ، ليدل ذلك على الخفضة ، ونقطة تحت الهاء للكسرة .

أبناءنا وأبناءكم ، و أشياءهم ، و فأجاءها ، و فقراء النقطة منتحية عن رأس الألف في جبهتها .

في إيمانها ، و إيمانا ، و إي وربي النقطة مزالة عن أسفل الألف إلى قرب الياء .

" ءالئن وقد عصيت " ، كتب بغير ألف بعد اللام ، فحكم نقطه أن تطرح على الألف الأولى في جبهتها نقطة متطرفة ، ليدل ذلك على المدة المنصوبة . وتطرح بين اللام والنون نقطة أخرى عالية تحاذي طرف اللام ، ليدل ذلك على أنها منصوبة ممدودة . وإن شئت فاطرح على فتحة النون نقطة .

* * *

مذءوما النقطة في قفا الواو ، بين الذال والواو . وكذلك : ولا يئوده ، و برءوسكم ، و فادرءوا ، و " يدرءون " ، و " هم بدءوكم " .

[ ص: 235 ] وكتب " ليسوا وجوهكم " بواو بعدها ألف . فقال بعض النقاط : انقط الفتحة نقطة بين الواو والألف ، إذا كانت القراءة مفتوحة ، وأعلها شيئا للنصبة ؛ لأن وزنها " يسوع " ، فالهمزة بعد الواو الساكنة . فليس على الألف منها شيء ؛ لأنها في القراءة ليست من الحروف . ونظير ذلك : " أن تبوأ " . وأما اليزيدي - فيما ذكر أبو عبد الرحمن عنه - ، فقال في هذه النقطة : إنها تقع على الألف ، وأخرى قبلها .

وقال ابن أشته : " ليسئوا وجوهكم " النقطة في قفا الواو ، فيمن قرأها على الجمع ؛ لأن القياس : " ليسوعوا " . فالعين في موضع الهمزة . ومن قرأها على الواحد " ليسؤا " فالنقطة على رأس الواو ؛ لأن القياس " ليسوع " . فالعين في موضع الهمزة .

قال أبو عمر : وقوله : "في رأس الواو" خطأ ؛ لأن العين بعدها ، وهي موضع الهمزة .

وقال في موضع آخر : أهل صنعاء يوقعون النقطة قدام الواو التي بقيت في السواد . وأهل البصرة والكوفة يضمون العين .

قال ابن المنادي : " الموءدة " نقطتها بين الواو والدال ؛ لأن الهمزة [ ص: 236 ] موضعها الواو الثانية ، والأولى فاء الفعل . وقال ابن أشته : " الموءدة " أصلها واوان ، فذهبت الواو الأخيرة ، وبقيت الهمزة في موضع الواو التي ذهبت . فهذه التي بقيت في السواد هي ساكنة . والهمزة قدامها ، معتزلة منها ، على البياض ؛ لأنها في الوزن " الموعودة " . فأما أهلالبصرة وأهل الكوفة فإنهم يوقعون النقطة في قفا الواو التي في السواد . وأما أهل صنعاء فإنهم يوقعون النقطة في موضع العين التي في الوزن .

قال ابن المنادي ، عن عبيد الله بن محمد ، عن أبي عبد الرحمن بن اليزيدي : إن بشار بن أيوب البصري الناقط كان ينقط "برءأ"، فيطرح نقطة قبل الألف ، وأخرى على الألف مرفوعة من قدامها . قال أبو عبد الرحمن : وهذا خلاف الذي عليه العمل في المصاحف العتق ؛ لأنها منقوطة على خلاف المذكور عن بشار . قال أبو عمرو : لم يقع في شيء من المصاحف : " برءؤا " بغير واو .

وقال ابن أشته : من كتب " برءؤا " يعني بواو وألف ، فإن النقطة قدام الباء ، ونقطة في قفا الواو ، معتزلة منها ، وهي على البياض ، على موضع الألف التي ذهبت ، وبقيت الهمزة قبل الألف التي ذهبت . ونقطة على صدر الواو ، بعضها في السواد وبعضها على البياض . لأن الواو هي الإعراب ، وهي الهمزة المضمومة . ومن كتب "برأؤ" يعني بألف وواو ، فإن نقطها أيضا ثلاث نقطات : نقطة منها على ضمة الباء ، ونقطة على جبين الألف ، ونقطة على صدر الواو . والجبين قدام الألف . وإنما جاءت هذه النقطة قدام الألف ، لا على طرفها ؛ لأنها ممدودة الألف .

التالي السابق


الخدمات العلمية