الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        باب

                                                                                                                                                                        الغسل

                                                                                                                                                                        موجباته أربعة .

                                                                                                                                                                        الأول : الموت . ويأتي في الجنائز إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        والثاني : الحيض . ثم وجوبه بخروج الدم ، أم بانقطاعه ؟ أم الخروج موجب عند الانقطاع ؟ فيه أوجه . أصحها : الثالث . والنفاس كالحيض في الغسل ومعظم الأحكام .

                                                                                                                                                                        والثالث : إذا ألقت الحامل ولدا ، أو علقة ، أو مضغة ، ولم تر دما ، ولا بللا ، لزمها الغسل على الأصح .

                                                                                                                                                                        والرابع : الجنابة ، وهي بأمرين : الجماع ، والإنزال . أما الجماع ، فتغييب قدر الحشفة في أي فرج كان ، سواء غيب في فرج امرأة ، أو بهيمة ، أو دبرهما ، أو دبر رجل ، أو خنثى ، صغير أو كبير ، حي أو ميت . ويجب على المرأة بأي ذكر دخل فرجها ، حتى ذكر البهيمة ، والميت ، والصبي . وعلى الرجل المولج في دبره . ولا يجب إعادة غسل الميت المولج فيه على الأصح .

                                                                                                                                                                        قلت : ويصير الصبي والمجنون المولجان ، أو المولج فيهما جنبين بلا خلاف . فإن اغتسل الصبي وهو مميز ، صح غسله ، ولا يجب إعادته إذا بلغ . ومن كمل منهما قبل الاغتسال ، وجب عليه الغسل . وعلى الولي أن يأمر الصبي المميز بالغسل في الحال ، كما يأمره بالوضوء . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 82 ] هذا كله إذا غيب قدر الحشفة ، فإن غيب دونها ، لم يتعلق به حكم على الصحيح . ولنا وجه : أن تغييب قدر الحشفة من مقطوعها لا يوجب الغسل ، وإنما يوجبه تغييب جميع الباقي ، إن كان قدر الحشفة فصاعدا .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الوجه مشهور ، وهو الراجح عند كثير من العراقيين ، ونقله صاحب ( الحاوي ) عن نص الشافعي - رحمه الله - ، ولكن الأول أصح . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو لف على ذكره خرقة فأولجه ، وجب الغسل على أصح الأوجه ، ولا يجب في الثاني . والثالث إن كانت الخرقة خشنة ، وهي التي تمنع وصول بلل الفرج إلى الذكر ، وتمنع وصول الحرارة من أحدهما إلى الآخر ، لم يجب ، وإلا وجب .

                                                                                                                                                                        قلت : قال صاحب ( البحر ) : وتجري هذه الأوجه في إفساد الحج به ، وينبغي أن تجري في جميع الأحكام . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية