nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29027_30387_30395على سرر موضونة nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=16متكئين عليها متقابلين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ولدان مخلدون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=18بأكواب وأباريق وكأس من معين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لا يصدعون عنها ولا ينزفون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=20وفاكهة مما يتخيرون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21ولحم طير مما يشتهون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وحور عين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=23كأمثال اللؤلؤ المكنون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=24جزاء بما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إلا قيلا سلاما سلاما .
الجار والمجرور خبر ثالث عن
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أولئك المقربون أو حال ثانية من اسم الإشارة . وهذا تبشير ببعض ما لهم من النعيم مما تشتاق إليه النفوس في هذه الحياة الدنيا لتشويقهم إلى هذا المصير فيسعوا لنواله بصالح الأعمال ، وليس الاقتصار على المذكور هنا بمقتض حصر النعيم فيما ذكر فقد قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين .
والسرر جمع سرير ، وهو كرسي طويل متسع يجلس عليه المتكئ والمضطجع له سوق أربع مرتفع على الأرض بنحو ذراع يتخذ من مختلف الأعواد ويتخذه الملوك من ذهب وفضة ومن عاج ومن نفيس العود كالأبنوس ويتخذه
[ ص: 293 ] العظماء المترفهون من الحديد الصرف ومن الحديد الملون أو المزين بالذهب . والسرير مجلس العظماء والملوك . وتقدم في قوله تعالى على سرر متقابلين في سورة الصافات .
والموضونة : المسبوك بعضها ببعض كما تسبك حلق الدروع وإنما توضن سطوحها وهي ما بين سوقها الأربع حيث تلقى عليها الطنافس أو الزرابي للجلوس والاضطجاع ليكون ذلك المفرش وثيرا فلا يؤلم المضطجع ولا الجالس . وفسر بعضهم موضونة بمرمولة ، أي منسوجة بقضبان الذهب .
والاتكاء : اضطجاع مع تباعد أعلى الجنب ، والاعتماد على المرفق ، وتقدم في سورة الرحمان .
والتقابل : من تمام النعيم لما فيه من الأنس بمشاهدة الأصحاب والحديث معهم .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ولدان مخلدون بيان لجملة في جنات النعيم وتقدم في قريب منه في سورة الصافات .
والطواف : المشي المكرر حول شيء وهو يقتضي الملازمة للشيء . ووصف الولدان بالمخلدين أي دائمين على الطواف عليهم ومناولتهم لا ينقطعون عن ذلك . وإذ قد ألفوا رؤيتهم فمن النعمة دوامهم معهم . وقد فسر مخلدون بأنهم مخلدون في صفة الولدان ، أي بالشباب والغضاضة ، أي ليسوا كولدان الدنيا يصيرون قريبا فتيانا فكهولا فشيوخا .
وفسره
أبو عبيدة بأنهم مقرطون بالأقراط . والقرط يسمى خلدا وخلدا وجمعه خلدة كقردة وهي لغة حميرية استعملها العرب كلهم وكانوا يحسنون غلمانهم بالأقراط في الآذان .
والأكواب : جمع كوب ، وهو إناء الخمر لا عروة له ولا خرطوم وفيه استدارة متسع موضع الشرب منه فهو كالقدح .
[ ص: 294 ] والأباريق : جمع إبريق وهو إناء تحمل فيه الخمر للشاربين فتصب في الأكواب ، والإبريق له خرطوم وعروة .
والكأس : إناء للخمر كالكوب إلا أنه مستطيل ضيق المشرب وتقدم في سورة الصافات .
والكأس جنس يصدق بالواحد والمتعدد فليس إفراده هنا للوحدة فإن المراد كئوس كثيرة كما اقتضاه جمع أكواب وأباريق ، فإذا كانت آنية حمل الخمر كثيرة كانت كئوس الشاربين أكثر ، وإنما أوثرت صيغة المفرد لأن في لفظ كئوس ثقلا بوجود همزة مضمومة في وسطه مع ثقل صيغة الجمع .
والمعين : الجاري ، والمراد به الخمر التي لكثرتها تجري في المجاري كما يجري الماء وليست قليلة عزيزة كما هي في الدنيا ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15وأنهار من خمر لذة للشاربين .
وليس المراد بالمعين الماء لأن الكأس ليست من آنية الماء وإنما آنيتها الأقداح ، وقد تقدم في سورة الصافات
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=45يطاف عليهم بكأس من معين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=46بيضاء لذة للشاربين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=47لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون وتلك صفات الخمر .
والتصديع : الإصابة بالصداع ، وهو وجع الرأس من الخمار الناشئ عن السكر ، أي لا تصيبهم الخمر بصداع .
ومعنى عنها مجاوزين لها ، أي لا يقع لهم صداع ناشئ عنها ، أي فهي منزهة عن ذلك بخلاف خمور الدنيا فاستعملت عن في معنى السببية .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19ولا ينزفون على
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لا يصدعون عنها فيقدر له متعلق دل عليه متعلق
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لا يصدعون فقد قال في سورة الصافات
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=47ولا هم عنها ينزفون ، أي لا يعتريهم نزف بسببها كما يحصل للشاربين في الدنيا .
والنزف : اختلاط العقل . وفعله مبني للمجهول يقال : نزف عقله مثل : عني فهو منزوف .
[ ص: 295 ] وقرأ الجمهور ( ينزفون ) بفتح الزاي من أنزف الذي همزته للتعدية . وقرأه
حفص ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وخلف بكسر الزاي من أنزف المهموز القاصر إذا سكر وذهب عقله .
والفاكهة : الثمار والبقول كاللوز والفستق ، وتقدم في سورة الرحمان . وعطف فاكهة على أكواب ، أي ويطوفون عليهم بفاكهة وذلك أدخل في الدعة وألذ من التناوب بأيديهم ، على أنهم إن اشتهوا اقتطافها بالأيدي دنت لهم الأغصان فإن المرء قد يشتهي تناول الثمرة من أغصانها .
و ما يتخيرون : الجنس الذي يختارونه ويشتهونه ، أي يطوفون عليهم بفاكهة من الأنواع التي يختارونها ، ففعل يتخيرون يفيد قوة الاختيار .
ولحم الطير : هو أرفع اللحوم وأشهاها وأعزها .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21ولحم طير على فاكهة كعطف فاكهة على أكواب .
والاشتهاء : مصدر اشتهى ، وهو افتعال من الشهوة التي هي محبة نيل شيء مرغوب فيه من محسوسات ومعنويات ، يقال : شهي كرضي ، وشها كدعا . والأكثر أن يقال : اشتهى ، والافتعال فيه للمبالغة .
وتقديم ذكر الفاكهة على ذكر اللحم قد يكون لأن الفواكه أعز . وبهذا يظهر وجه المخالفة بين الفاكهة ولحم طير فجعل التخير للأول ، والاشتهاء للثاني ولأن الاشتهاء أعلق بالطعام منه بالفواكه ، فلذة كسر الشاهية بالطعام لذة زائدة على لذة حسن طعمه ، وكثرة التخير للفاكهة هي لذة تلوين الأصناف .
و حور عين عطف على ولدان مخلدون ، أي ويطوف عليهم حور عين .
والحور العين : النساء ذوات الحور ، وتقدم في سورة الرحمن . وذوات العين وهو سعة العين وتقدم في سورة الصافات .
[ ص: 296 ] وقرأ
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو جعفر ( وحور عين ) بالكسر فيهما على أن ( حور ) عطف على أكواب عطف معنى من باب قوله :
وزججن الحواجب والعيونا
بتقدير : وكحلن العيون ، أو يعطف على ( جنات ) ، أي وفي حور عين ، أي هم في حور عين أو محاطون بهن ومحدقون بهن .
والمراد : أزواج السابقين في الجنة وهن المقصورات في الخيام .
والأمثال : الأشباه . ودخول كاف التشبيه على ( أمثال ) للتأكيد مثل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء .
والمعنى : هن أمثال اللؤلؤ المكنون .
واللؤلؤ : الدر ، وتقدم تبيينه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=23يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا في سورة الحج .
والمكنون : المخزون المخبأ لنفاسته ، وتقدم في سورة الصافات .
وانتصب ( جزاء ) على المفعول لأجله لفعل مقدر دل عليه قوله المقربون ، أي أعطيناهم ذلك جزاء ، ويجوز أن يكون ( جزاء ) مصدرا جاء بدلا عن فعله ، والتقدير : جازيناهم جزاء .
والجملة على التقديرين اعتراض تفيد إظهار كرامتهم بحيث جعلت أصناف النعيم الذي حظوا به جزاء على عمل قدموه وذلك إتمام لكونهم مقربين .
ثم أكمل وصف النعيم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ، وهي نعمة روحية فإن سلامة النفس من سماع ما لا يحب سماعه ومن سماع ما يكره سماعه من الأذى نعمة براحة البال وشغله بسماع المحبوب .
واللغو : الكلام الذي لا يعتد به كالهذيان ، والكلام الذي لا محصل له .
والتأثيم : اللوم والإنكار ، وهو مصدر أثم ، إذا نسب غيره إلى الإثم .
[ ص: 297 ] وضمير ( فيها ) عائد إلى ( جنات النعيم ) .
وأتبع ذكر هذه النعمة بذكر نعمة أخرى من الأنعام بالمسموع الذي يفيد الكرامة لأن الإكرام لذة روحية يكسب النفس عزة وإدلالا
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إلا قيلا سلاما سلاما . وهو استثناء من
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لغوا ولا تأثيما بطريقة تأكيد الشيء بما يشبه ضده المشتهر في البديع باسم تأكيد المدح لما يشبه الذم ، وله موقع عظيم في البلاغة كقول
النابغة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
فالاستثناء متصل ادعاء وهو المعبر عنه بالاستثناء المنقطع بحسب حاصل المعنى ، وعليه فإن انتصاب قيلا على الاستثناء لا على البدلية من ( لغوا ) .
و ( سلاما ) الأول مقول ( قيلا ) ، أي هذا اللفظ الذي تقديره : سلمنا سلاما ، فهو جملة محكية بالقول .
و ( سلاما ) الثاني تكرير ل ( سلاما ) الأول تكريرا ليس للتأكيد بل لإفادة التعاقب ، أي سلاما إثر سلام ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وقولهم : قرأت النحو بابا بابا ، أو مشارا به إلى كثرة المسلمين فهو مؤذن مع الكرامة بأنهم معظمون مبجلون ، والفرق بين الوجهين أن الأول يفيد التكرير بتكرير الأزمنة ، والثاني يفيد التكرار بتكرير المسلمين .
وهذا القيل يتلقونه من الملائكة الموكلين بالجنة ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم ويتلقاه بعضهم من بعض كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وتحيتهم فيها سلام .
وإنما جيء بلفظ ( سلاما ) منصوبا دون الرفع مع كون الرفع أدل على المبالغة كما ذكروه في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69قالوا سلاما قال سلام في سورة هود وسورة الذاريات لأنه أريد جعله بدلا من ( قيلا ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29027_30387_30395عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=16مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=18بِأَكْوَابٌ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزَفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=20وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وَحَوَرٌ عَيْنٌ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=23كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=24جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا .
الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ ثَالِثٌ عَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ أَوْ حَالٌ ثَانِيَةٌ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ . وَهَذَا تَبْشِيرٌ بِبَعْضِ مَا لَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ مِمَّا تَشْتَاقُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِتَشْوِيقِهِمْ إِلَى هَذَا الْمَصِيرِ فَيَسْعَوْا لِنَوَالِهِ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ ، وَلَيْسَ الْاِقْتِصَارُ عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَا بِمُقْتَضٍ حَصْرَ النَّعِيمِ فِيمَا ذَكَرَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ .
وَالسُّرُرُ جَمْعُ سَرِيرٍ ، وَهُوَ كُرْسِيٌّ طَوِيلٌ مُتَّسِعٌ يَجْلِسُ عَلَيْهِ الْمُتَّكِئُ وَالْمُضْطَجِعُ لَهُ سُوقٌ أَرْبَعٌ مُرْتَفِعٌ عَلَى الْأَرْضِ بِنَحْوِ ذِرَاعٍ يُتَّخَذُ مِنْ مُخْتَلِفِ الْأَعْوَادِ وَيَتَّخِذُهُ الْمُلُوكُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَمِنْ عَاجٍ وَمِنْ نَفِيسِ الْعُودِ كَالْأَبَنُوسِ وَيَتَّخِذُهُ
[ ص: 293 ] الْعُظَمَاءُ الْمُتَرَفِّهُونَ مِنَ الْحَدِيدِ الصِّرْفِ وَمِنَ الْحَدِيدِ الْمُلَوَّنِ أَوِ الْمُزَيَّنِ بِالذَّهَبِ . وَالسَّرِيرُ مَجْلِسُ الْعُظَمَاءِ وَالْمُلُوكِ . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ .
وَالْمَوْضُونَةُ : الْمَسْبُوكُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَمَا تُسْبَكُ حِلَقُ الدُّرُوعِ وَإِنَّمَا تُوضَنُ سُطُوحُهَا وَهِيَ مَا بَيْنَ سُوقِهَا الْأَرْبَعِ حَيْثُ تُلْقَى عَلَيْهَا الطَّنَافِسُ أَوِ الزَّرَابِيُّ لِلجُّلُوسِ وَالْاِضْطِجَاعِ لِيَكُونَ ذَلِكَ الْمَفْرَشُ وَثِيرًا فَلَا يُؤْلِمُ الْمُضْطَجِعَ وَلَا الْجَالِسَ . وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ مَوْضُونَةٍ بِمَرْمُولَةٍ ، أَيْ مَنْسُوجَةٍ بِقُضْبَانِ الذَّهَبِ .
وَالْاِتِّكَاءُ : اضْطِجَاعٌ مَعَ تَبَاعُدِ أَعْلَى الْجَنْبِ ، وَالْاِعْتِمَادِ عَلَى الْمِرْفَقِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الرَّحْمَانِ .
وَالتَّقَابُلُ : مِنْ تَمَامِ النَّعِيمِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأُنْسِ بِمُشَاهَدَةِ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثِ مَعَهُمْ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَتَقَدَّمَ فِي قَرِيبٍ مِنْهُ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ .
وَالطَّوَافُ : الْمَشْيُ الْمُكَرَّرُ حَوْلَ شَيْءٍ وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُلَازِمَةَ لِلشَّيْءِ . وَوُصِفُ الْوِلْدَانِ بِالْمُخَلَّدِينَ أَيْ دَائِمَيْنِ عَلَى الطَّوَافِ عَلَيْهِمْ وَمُنَاوَلَتِهِمْ لَا يَنْقَطِعُونَ عَنْ ذَلِكَ . وَإِذْ قَدْ أَلِفُوا رُؤْيَتَهُمْ فَمِنَ النِّعْمَةِ دَوَامُهُمْ مَعَهُمْ . وَقَدْ فُسِّرَ مُخَلَّدُونَ بِأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ فِي صِفَةِ الْوِلْدَانِ ، أَيْ بِالشَّبَابِ وَالْغَضَاضَةِ ، أَيْ لَيْسُوا كَوِلْدَانِ الدُّنْيَا يَصِيرُونَ قَرِيبًا فِتْيَانًا فَكُهُولًا فَشُيُوخًا .
وَفَسَّرَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُمْ مُقَرَّطُونَ بِالْأَقْرَاطِ . وَالْقُرْطُ يُسَمَّى خُلْدًا وَخَلَدًا وَجَمْعُهُ خِلَدَةٌ كَقِرْدَةٍ وَهِيَ لُغَةٌ حِمْيَرِيَّةٌ اسْتَعْمَلَهَا الْعَرَبُ كُلُّهُمْ وَكَانُوا يُحْسِّنُونَ غِلْمَانَهُمْ بِالْأَقْرَاطِ فِي الْآذَانِ .
وَالْأَكْوَابُ : جَمْعُ كُوبٍ ، وَهُوَ إِنَاءُ الْخَمْرِ لَا عُرْوَةَ لَهُ وَلَا خُرْطُومَ وَفِيهِ اسْتِدَارَةٌ مُتَّسِعٌ مَوْضِعُ الشُّرْبِ مِنْهُ فَهُوَ كَالْقَدَحِ .
[ ص: 294 ] وَالْأَبَارِيقُ : جَمْعُ إِبْرِيقَ وَهُوَ إِنَاءٌ تُحْمَلُ فِيهِ الْخَمْرُ لِلشَّارِبِينَ فَتُصَبُّ فِي الْأَكْوَابِ ، وَالْإِبْرِيقُ لَهُ خُرْطُومٌ وَعُرْوَةٌ .
وَالْكَأْسُ : إِنَاءٌ لِلْخَمْرِ كَالْكُوبِ إِلَّا أَنَّهُ مُسْتَطِيلٌ ضَيِّقٌ الْمَشْرَبُ وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ .
وَالْكَأْسُ جِنْسٌ يَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ فَلَيْسَ إِفْرَادُهُ هُنَا لِلْوَحْدَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ كُئُوسٌ كَثِيرَةٌ كَمَا اقْتَضَاهُ جَمْعُ أَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ، فَإِذَا كَانَتْ آنِيَةُ حَمْلِ الْخَمْرِ كَثِيرَةً كَانَتْ كُئُوسُ الشَّارِبِينَ أَكْثَرَ ، وَإِنَّمَا أُوثِرَتْ صِيغَةُ الْمُفْرَدِ لِأَنَّ فِي لَفْظِ كُئُوسٍ ثِقَلًا بِوُجُودِ هَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ فِي وَسَطِهِ مَعَ ثِقَلِ صِيغَةِ الْجَمْعِ .
وَالْمُعَيَّنُ : الْجَارِي ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَمْرُ الَّتِي لِكَثْرَتِهَا تَجْرِي فِي الْمَجَارِي كَمَا يَجْرِي الْمَاءُ وَلَيْسَتْ قَلِيلَةٌ عَزِيزَةٌ كَمَا هِيَ فِي الدُّنْيَا ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْمَاءَ لِأَنَّ الْكَأْسَ لَيْسَتْ مِنْ آنِيَةِ الْمَاءِ وَإِنَّمَا آنِيَتُهَا الْأَقْدَاحُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=45يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=46بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=47لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ وَتِلْكَ صِفَاتُ الْخَمْرِ .
وَالتَّصْدِيعُ : الْإِصَابَةُ بِالصُّدَاعِ ، وَهُوَ وَجَعُ الرَّأْسِ مِنَ الْخُمَارِ النَّاشِئِ عَنِ السُّكْرِ ، أَيْ لَا تُصِيبُهُمُ الْخَمْرُ بِصُدَاعٍ .
وَمَعْنَى عَنْهَا مُجَاوِزِينَ لَهَا ، أَيْ لَا يَقَعُ لَهُمْ صُدَاعٌ نَاشِئٌ عَنْهَا ، أَيْ فَهِيَ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ خُمُورِ الدُّنْيَا فَاسْتُعْمِلَتْ عَنْ فِي مَعْنَى السَّبَبِيَّةَ .
وَعُطِفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19وَلَا يُنْزِفُونَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا فَيُقَدَّرُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ دَلَّ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لَا يُصَدَّعُونَ فَقَدْ قَالَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=47وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ، أَيْ لَا يَعْتَرِيهِمْ نَزْفٌ بِسَبَبِهَا كَمَا يَحْصُلُ لِلشَّارِبِينَ فِي الدُّنْيَا .
وَالنَّزْفُ : اخْتِلَاطُ الْعَقْلِ . وَفِعْلُهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ يُقَالُ : نُزِفَ عَقْلُهُ مِثْلُ : عُنِيَ فَهُوَ مَنْزُوفٌ .
[ ص: 295 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( يُنْزَفُونَ ) بِفَتْحِ الزَّايِ مَنْ أَنْزَفَ الَّذِي هَمْزَتُهُ لِلتَّعْدِيَةِ . وَقَرَأَهُ
حَفْصٌ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَخَلَفٌ بِكَسْرِ الزَّايِ مِنْ أَنْزَفَ الْمَهْمُوزِ الْقَاصِرِ إِذَا سَكِرَ وَذَهَبَ عَقْلُهُ .
وَالْفَاكِهَةُ : الثِّمَارُ وَالْبُقُولُ كَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الرَّحْمَانِ . وَعَطْفُ فَاكِهَةٍ عَلَى أَكْوَابٍ ، أَيْ وَيَطُوفُونَ عَلَيْهِمْ بِفَاكِهَةٍ وَذَلِكَ أَدْخَلُ فِي الدَّعَةِ وَأَلَذُّ مِنَ التَّنَاوُبِ بِأَيْدِيهِمْ ، عَلَى أَنَّهُمْ إِنِ اشْتَهَوُا اقْتِطَافَهَا بِالْأَيْدِي دَنَتْ لَهُمُ الْأَغْصَانُ فَإِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَشْتَهِي تَنَاوُلَ الثَّمَرَةِ مِنْ أَغْصَانِهَا .
وَ مَا يَتَخَيَّرُونَ : الْجِنْسُ الَّذِي يَخْتَارُونَهُ وَيَشْتَهُونَهُ ، أَيْ يَطُوفُونَ عَلَيْهِمْ بِفَاكِهَةٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ الَّتِي يَخْتَارُونَهَا ، فَفِعْلُ يَتَخَيَّرُونَ يُفِيدُ قُوَّةَ الْاِخْتِيَارِ .
وَلَحْمُ الطَّيْرِ : هُوَ أَرْفَعُ اللُّحُومِ وَأَشْهَاهَا وَأَعَزُّهَا .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21وَلَحْمِ طَيْرٍ عَلَى فَاكِهَةٍ كَعَطْفِ فَاكِهَةٍ عَلَى أَكْوَابٍ .
وَالْاِشْتِهَاءُ : مَصْدَرُ اشْتَهَى ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الشَّهْوَةِ الَّتِي هِيَ مَحَبَّةُ نَيْلِ شَيْءٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ مِنْ مَحْسُوسَاتٍ وَمَعْنَوِيَّاتٍ ، يُقَالُ : شَهِيٌّ كَرَضِيٌّ ، وَشَهَا كَدَعَا . وَالْأَكْثَرُ أَنْ يُقَالَ : اشْتَهَى ، وَالْاِفْتِعَالُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ .
وَتَقْدِيمُ ذِكْرِ الْفَاكِهَةِ عَلَى ذِكْرِ اللَّحْمِ قَدْ يَكُونُ لِأَنَّ الْفَوَاكِهَ أَعَزُّ . وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْفَاكِهَةِ وَلَحْمِ طَيْرٍ فَجُعِلَ التَّخْيِرُ لِلْأَوَّلِ ، وَالْاِشْتِهَاءُ لِلثَّانِي وَلِأَنَّ الْاِشْتِهَاءَ أَعْلَقُ بِالطَّعَامِ مِنْهُ بِالْفَوَاكِهِ ، فَلَذَّةُ كَسْرِ الشَّاهِيَةِ بِالطَّعَامِ لَذَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى لَذَّةِ حُسْنِ طَعْمِهِ ، وَكَثْرَةُ التَّخَيُّرِ لِلْفَاكِهَةِ هِيَ لَذَّةُ تَلْوِينِ الْأَصْنَافِ .
وَ حُورٌ عِينٌ عَطْفٌ عَلَى وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ، أَيْ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ حُورٌ عِينٌ .
وَالْحُورُ الْعِينُ : النِّسَاءُ ذَوَاتُ الْحَوَرِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ . وَذَوَاتُ الْعَيْنِ وَهُوَ سِعَةُ الْعَيْنِ وَتَقَدُّمٌ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ .
[ ص: 296 ] وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ ( وَحُورٍ عِينٍ ) بِالْكَسْرِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ ( حُورٌ ) عُطِفَ عَلَى أَكْوَابٍ عَطْفَ مَعْنَى مِنْ بَابِ قَوْلِهِ :
وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
بِتَقْدِيرِ : وَكَحَّلْنَ الْعُيُونَ ، أَوْ يُعْطَفُ عَلَى ( جَنَّاتِ ) ، أَيْ وَفِي حُورٍ عِينٍ ، أَيْ هُمْ فِي حُورٍ عِينٍ أَوْ مُحَاطُونَ بِهِنَّ وَمُحَدِّقُونَ بِهِنَّ .
وَالْمُرَادُ : أَزْوَاجُ السَّابِقَيْنِ فِي الْجَنَّةِ وَهُنَّ الْمَقْصُورَاتُ فِي الْخِيَامِ .
وَالْأَمْثَالُ : الْأَشْبَاهُ . وَدُخُولُ كَافِ التَّشْبِيهِ عَلَى ( أَمْثَالِ ) لِلتَّأْكِيدِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .
وَالْمَعْنَى : هُنَّ أَمْثَالُ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ .
وَاللُّؤْلُؤُ : الدُّرُّ ، وَتَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=23يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا فِي سُورَةِ الْحَجِّ .
وَالْمَكْنُونُ : الْمَخْزُونُ الْمُخَبَّأُ لِنَفَاسَتِهِ ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ .
وَانْتَصَبَ ( جَزَاءً ) عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْمُقَرَّبُونَ ، أَيْ أَعْطَيْنَاهُمْ ذَلِكَ جَزَاءً ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( جَزَاءً ) مَصْدَرًا جَاءَ بَدَلًا عَنْ فِعْلِهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : جَازَيْنَاهُمْ جَزَاءً .
وَالْجُمْلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ اعْتِرَاضٌ تُفِيدُ إِظْهَارَ كَرَامَتِهِمْ بِحَيْثُ جَعَلَتْ أَصْنَافَ النَّعِيمِ الَّذِي حَظُوا بِهِ جَزَاءً عَلَى عَمَلٍ قَدَّمُوهُ وَذَلِكَ إِتْمَامٌ لِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ .
ثُمَّ أَكْمَلَ وَصْفَ النَّعِيمِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ، وَهِيَ نِعْمَةٌ رُوحِيَّةٌ فَإِنَّ سَلَامَةَ النَّفْسِ مِنْ سَمَاعِ مَا لَا يُحِبُّ سَمَاعَهُ وَمِنْ سَمَاعِ مَا يَكْرَهُ سَمَاعَهُ مِنَ الْأَذَى نِعْمَةٌ بِرَاحَةِ الْبَالِ وَشُغْلِهِ بِسَمَاعِ الْمَحْبُوبِ .
وَاللَّغْوُ : الكَّلَامُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَالْهَذَيَانِ ، وَالكَّلَامُ الَّذِي لَا مُحَصِّلَ لَهُ .
وَالتَّأْثِيمُ : اللَّوْمُ وَالْإِنْكَارُ ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَثَّمَ ، إِذَا نَسَبَ غَيْرَهُ إِلَى الْإِثْمِ .
[ ص: 297 ] وَضَمِيرُ ( فِيهَا ) عَائِدٌ إِلَى ( جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) .
وَأَتْبَعَ ذِكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ بِذِكْرِ نِعْمَةٍ أُخْرَى مِنَ الْأَنْعَامِ بِالْمَسْمُوعِ الَّذِي يُفِيدُ الْكَرَامَةَ لِأَنَّ الْإِكْرَامَ لَذَّةٌ رُوحِيَّةٌ يُكْسِبُ النَّفْسَ عِزَّةً وَإِدْلَالًا
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا . وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا بِطَرِيقَةِ تَأْكِيدِ الشَّيْءِ بِمَا يُشْبِهُ ضِدَّهُ الْمُشْتَهِرَ فِي الْبَدِيعِ بِاسْمِ تَأْكِيدِ الْمَدْحِ لِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ ، وَلَهُ مَوْقِعٌ عَظِيمٌ فِي الْبَلَاغَةِ كَقَوْلِ
النَّابِغَةِ :
وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
فَالْاِسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ ادِّعَاءً وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْاِسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ بِحَسَبِ حَاصِلِ الْمَعْنَى ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ انْتِصَابَ قِيلًا عَلَى الْاِسْتِثْنَاءِ لَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ ( لَغَوًا ) .
وَ ( سَلَامًا ) الْأَوَّلُ مَقُولُ ( قِيلًا ) ، أَيْ هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي تَقْدِيرُهُ : سَلَّمْنَا سَلَامًا ، فَهُوَ جُمْلَةٌ مَحْكِيَّةٌ بِالْقَوُلِ .
وَ ( سَلَامًا ) الثَّانِي تَكْرِيرٌ لِ ( سَلَامًا ) الْأَوَّلِ تَكْرِيرًا لَيْسَ لِلتَّأْكِيدِ بَلْ لِإِفَادَةِ التَّعَاقُبِ ، أَيْ سَلَامًا إِثْرَ سَلَامٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَقَوْلُهُمْ : قَرَأَتُ النَّحْوَ بَابًا بَابًا ، أَوْ مُشَارًا بِهِ إِلَى كَثْرَةِ الْمُسَلِّمِينَ فَهُوَ مُؤْذِنٌ مَعَ الْكَرَامَةِ بِأَنَّهُمْ مُعَظَّمُونَ مُبَجَّلُونَ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُفِيدُ التَّكْرِيرَ بِتَكْرِيرِ الْأَزْمِنَةِ ، وَالثَّانِي يُفِيدُ التَّكْرَارَ بِتَكْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ .
وَهَذَا الْقِيلُ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالْجَنَّةِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ وَيَتَلَقَّاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ .
وَإِنَّمَا جِيءَ بِلَفْظِ ( سَلَامًا ) مَنْصُوبًا دُونَ الرَّفْعِ مَعَ كَوْنِ الرَّفْعِ أَدَلَّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فِي سُورَةِ هُودٍ وَسُورَةِ الذَّارِيَاتِ لِأَنَّهُ أُرِيدَ جَعْلُهُ بَدَلًا مِنْ ( قِيلًا ) .