الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب التثبيت في الحكم وغيره

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } الآية وقال { إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فأمر الله من يمضي أمره على أحد من عباده أن يكون مستبينا قبل أن يمضيه ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحكم خاصة أن لا يحكم الحاكم وهو غضبان لأن الغضبان مخوف على أمرين .

أحدهما قلة التثبت ، والآخر أن الغضب قد يتغير معه العقل ويتقدم به صاحبه على ما لم يكن يتقدم عليه لو لم يكن غضب ( أخبرنا الربيع ) قال : ( أخبرنا الشافعي ) قال : أخبرنا ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا يحكم الحاكم ، أو لا يقضي القاضي بين [ ص: 100 ] اثنين وهو غضبان } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ومعقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا أنه أراد أن يكون القاضي حين يحكم في حال لا تغير خلقه ولا عقله ، والحاكم أعلم بنفسه فأي حال أتت عليه تغير خلقه ، أو عقله انبغى له أن لا يقضي حتى تذهب وأي حال صيرت إليه سكون الطبيعة واجتماع العقل انبغى له أن يتعاهدها فيكون حاكما عندها ، وقد روي عن الشعبي ، وكان قاضيا أنه رئي أنه يأكل خبزا بجبن فقيل له : فقال آخذ حكمي كأنه يريد أن الطعام يسكن حر الطبيعة وأن الجوع يحرك حرها وتتوق النفس إلى المأكل فيشتغل عن الحكم ، وإذا كان مريضا شقيحا ، أو تعبا شقيحا فكل هذا في حال الغضب في بعض أمره ، أو أشد يتوقى الحكم ويتوقاه على الملالة فإن العقل يكل مع الملالة وجماعه ما وصفت .

التالي السابق


الخدمات العلمية