nindex.php?page=treesubj&link=29027_28784_32405nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أفرأيتم ما تمنون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون تفريع على
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=57نحن خلقناكم ، أي خلقناكم الخلق الذي لم تروه ولكنكم توقنون بأنا خلقناكم فتدبروا في خلق النسل لتعلموا أن إعادة الخلق تشبه ابتداء الخلق . وذكرت كائنات خمسة مختلفة الأحوال متحدة المآل إذ في كلها تكوين لموجود مما كان عدما ، وفي جميعها حصول وجود متدرج إلى أن تتقوم بها الحياة وابتدئ بإيجاد النسل من ماء ميت ، ولعله مادة الحياة بنسلكم في الأرحام من النطف تكوينا مسبوقا بالعدم .
والاستفهام للتقرير بتعيين خالق الجنين من النطفة إذ لا يسعهم إلا أن يقروا بأن الله خالق النسل من النطفة وذلك يستلزم قدرته على ما هو من نوع إعادة الخلق .
وإنما ابتدئ الاستدلال بتقديم جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أأنتم تخلقونه زيادة في إبطال شبهتهم إذ قاسوا الأحوال المغيبة على المشاهدة في قلوبهم لا نعاد بعد أن كنا ترابا وعظاما ، وكان حقهم أن يقيسوا على تخلق الجنين من مبدأ ماء النطفة فيقولوا : لا تصير العظام البالية ذواتا حية ، وإلا فإنهم لم يدعوا قط أنهم خالقون ، فكان قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أأنتم تخلقونه تمهيدا للاستدلال على أن الله هو خالق الأجنة بقدرته ، وأن تلك القدرة لا تقتصر على الخلق الثاني عند البعث .
وفعل الرؤية في أرأيتم من باب ظن لأنه ليس رؤية عين . وقال
الرضي : هو في مثله منقول من رأيت ، بمعنى أبصرت أو عرفت ، كأنه قيل : أأبصرت حاله العجيبة أو أعرفتها ، أخبرني عنها ، فلا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة لشيء اهـ ، أي لأن أصل فعل الرؤية من أفعال الجوارح لا من أفعال العقل .
[ ص: 314 ] و
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58ما تمنون مفعول أول لفعل أفرأيتم . وفي تعدية فعل أرأيتم إليه إجمال إذ مورد فعل العلم على حال من أحوال ما تمنون ، ففعل رأيتم غير وارد على نفس
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58ما تمنون .
فكانت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أأنتم تخلقونه بيانا لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أفرأيتم ما تمنون ، وأعيد حرف الاستفهام ليطابق البيان مبينه .
وبهذا الاستفهام صار فعل أرأيتم معلقا عن العمل في مفعول ثان لوجود موجب التعليق وهو الاستفهام . قال
الرضي : إذا صدر المفعول الثاني بكلمة الاستفهام فالأولى أن لا يعلق فعل القلب عن المفعول الأول نحو : علمت زيدا أيومن هو . اهـ .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أأنتم تخلقونه لإفادة التقوي لأنهم لما نزلوا منزلة من يزعم ذلك كما علمت صيغت جملة نفيه بصيغة دالة على زعمهم تمكن التصرف في تكوين النسل .
وقد حصل من نفي الخلق عنهم وإثباته لله تعالى معنى قصر الخلق على الله تعالى .
و ( أم ) متصلة معادة الهمزة ، وما بعدها معطوف لأن الغالب أن لا يذكر له خبر اكتفاء بدلالة خبر المعطوف عليه على الخبر المحذوف ، وهاهنا أعيد الخبر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أم نحن الخالقون زيادة في تقرير إسناد الخلق إلى الله في المعنى وللإيفاء بالفاصلة وامتداد نفس الوقف ، ويجوز أن نجعل أم منقطعة بمعنى بل لأن الاستفهام ليس بحقيقي فليس من غرضه طلب تعيين الفاعل ويكون الكلام قد تم عند قوله تخلقونه .
والمعنى : أتظنون أنفسكم خالقين النسمة مما تمنون .
nindex.php?page=treesubj&link=29027_28784_32405nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ تَفْرِيعٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=57نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ ، أَيْ خَلَقْنَاكُمُ الْخَلْقَ الَّذِي لَمْ تَرَوْهُ وَلَكِنَّكُمْ تُوقِنُونَ بِأَنَّا خَلَقْنَاكُمْ فَتَدَبَّرُوا فِي خَلْقِ النَّسْلِ لِتَعْلَمُوا أَنَّ إِعَادَةَ الْخَلْقِ تُشْبِهُ ابْتِدَاءَ الْخَلْقِ . وَذُكِرَتْ كَائِنَاتٌ خَمْسَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَحْوَالِ مُتَّحِدَةُ الْمَآلِ إِذْ فِي كُلِّهَا تَكْوِينٌ لِمَوْجُودٍ مِمَّا كَانَ عَدَمًا ، وَفِي جَمِيعِهَا حُصُولُ وُجُودٍ مُتَدَرِّجٍ إِلَى أَنْ تَتَقَوَّمَ بِهَا الْحَيَاةُ وَابْتُدِئَ بِإِيجَادِ النَّسْلِ مِنْ مَاءٍ مَيِّتٍ ، وَلَعَلَّهُ مَادَّةُ الْحَيَاةِ بِنَسْلِكُمْ فِي الْأَرْحَامِ مِنَ النُّطَفِ تَكْوِينًا مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ .
وَالْاِسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ بِتَعْيِينِ خَالِقِ الْجَنِينِ مِنَ النُّطْفَةِ إِذْ لَا يَسَعُهُمْ إِلَّا أَنْ يُقِرُّوا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ النَّسْلِ مِنَ النُّطْفَةِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ قُدْرَتَهُ عَلَى مَا هُوَ مِنْ نَوْعِ إِعَادَةِ الْخَلْقِ .
وَإِنَّمَا ابْتُدِئَ الْاِسْتِدْلَالُ بِتَقْدِيمِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ زِيَادَةً فِي إِبْطَالِ شُبْهَتِهِمْ إِذْ قَاسُوا الْأَحْوَالَ الْمُغَيَّبَةِ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ فِي قُلُوبِهِمْ لَا نُعَادُ بَعْدَ أَنْ كُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا ، وَكَانَ حَقُّهُمْ أَنْ يَقِيسُوا عَلَى تَخَلُّقِ الْجَنِينِ مِنْ مَبْدَأِ مَاءِ النُّطْفَةِ فَيَقُولُوا : لَا تَصِيرُ الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ ذَوَاتًا حَيَّةً ، وَإِلَّا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَّعُوا قَطُّ أَنَّهُمْ خَالِقُونَ ، فَكَانَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ تَمْهِيدًا لِلْاِسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ هُوَ خَالِقُ الْأَجِنَّةِ بِقُدْرَتِهِ ، وَأَنَّ تِلْكَ الْقُدْرَةَ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْخَلْقِ الثَّانِي عِنْدَ الْبَعْثِ .
وَفِعْلُ الرُّؤْيَةِ فِي أَرَأَيْتُمْ مِنْ بَابِ ظَنَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ رُؤْيَةَ عَيْنٍ . وَقَالَ
الرَّضِيُّ : هُوَ فِي مِثْلِهِ مَنْقُولٌ مَنْ رَأَيْتَ ، بِمَعْنَى أَبْصَرْتَ أَوْ عَرَفْتَ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : أَأَبْصَرْتَ حَالَهُ الْعَجِيبَةَ أَوْ أَعَرَفْتَهَا ، أَخْبِرْنِي عَنْهَا ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْاِسْتِخْبَارِ عَنْ حَالَةٍ عَجِيبَةٍ لِشَيْءٍ اهـ ، أَيْ لِأَنَّ أَصْلَ فِعْلِ الرُّؤْيَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ لَا مِنْ أَفْعَالِ الْعَقْلِ .
[ ص: 314 ] و
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58مَا تُمْنُونَ مَفْعُولٌ أَوَّلُ لِفِعْلِ أَفَرَأَيْتُمْ . وَفِي تَعْدِيَةِ فِعْلِ أَرَأَيْتُمْ إِلَيْهِ إِجْمَالٌ إِذْ مَوْرِدُ فِعْلِ الْعِلْمَ عَلَى حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ مَا تُمْنُونَ ، فَفِعْلُ رَأَيْتُمْ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى نَفْسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58مَا تُمْنُونَ .
فَكَانَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ بَيَانًا لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=58أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ، وَأُعِيدَ حَرْفُ الْاِسْتِفْهَامِ لِيُطَابِقَ الْبَيَانُ مُبَيَّنَهُ .
وَبِهَذَا الْاِسْتِفْهَامِ صَارَ فِعْلُ أَرَأَيْتُمْ مُعَلَّقًا عَنِ الْعَمَلِ فِي مَفْعُولٍ ثَانٍ لِوُجُودِ مُوجَبِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ الْاِسْتِفْهَامُ . قَالَ
الرَّضِيُّ : إِذَا صُدِّرَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي بِكَلِمَةِ الْاِسْتِفْهَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُعَلَّقُ فِعْلُ الْقَلْبِ عَنِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ نَحْوُ : عَلِمْتَ زَيْدًا أَيُومِنُ هُوَ . اهـ .
وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ لِإِفَادَةِ التَّقَوِّي لِأَنَّهُمْ لَمَّا نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يَزْعُمُ ذَلِكَ كَمَا عَلِمْتَ صِيغَتْ جُمْلَةُ نَفْيِهِ بِصِيغَةٍ دَالَّةٍ عَلَى زَعْمِهِمْ تُمَكِّنُ التَّصَرُّفَ فِي تَكْوِينِ النَّسْلِ .
وَقَدْ حَصَلَ مِنْ نَفْيِ الْخَلْقِ عَنْهُمْ وَإِثْبَاتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى مَعْنَى قَصْرِ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَ ( أَمْ ) مُتَّصِلَةٌ مُعَادَةُ الْهَمْزَةِ ، وَمَا بَعْدَهَا مَعْطُوفٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ لَا يُذْكَرُ لَهُ خَبَرٌ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ خَبَرِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ ، وَهَاهُنَا أُعِيدَ الْخَبَرُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=59أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ زِيَادَةً فِي تَقْرِيرِ إِسْنَادِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ فِي الْمَعْنَى وَلِلْإِيفَاءِ بِالْفَاصِلَةِ وَامْتِدَادِ نَفْسِ الْوَقْفِ ، وَيَجُوزُ أَنْ نَجْعَلَ أَمْ مُنْقَطِعَةً بِمَعْنَى بَلْ لِأَنَّ الْاِسْتِفْهَامَ لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ فَلَيْسَ مِنْ غَرَضِهِ طَلَبُ تَعْيِينِ الْفَاعِلِ وَيَكُونُ الكَلَامُ قَدْ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَخْلُقُونَهُ .
وَالْمَعْنَى : أَتَظُنُّونَ أَنْفُسَكُمْ خَالِقِينَ النَّسَمَةَ مِمَّا تَمْنُونَ .