الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 357 ] باب الخيار سئل رحمه الله عن رجلين تبايعا عينا وشرطا لكل واحد منهما فسخ البيع وإمضاءه في مدة معتبرة شرعا . فهل يعتبر الخيار في الإمضاء والفسخ ؟ أو في الفسخ دون الإمضاء ؟ ويكون ذكر الإمضاء لغوا أو لا يعتبران معا ؟ فإن قيل : إن ذكر الإمضاء لغو فلا كلام . وإن قيل : إنهما يعتبران ولكل من اللفظين أثر في الحكم فإذا اختار أحدهما الإمضاء والآخر الفسخ فهل القول قول من اختار الفسخ ; أو السابق منهما ؟ أفتونا مأجورين .

                التالي السابق


                فأجاب : الحمد لله رب العالمين إذا كان الأمر كما ذكر واختار أحدهما فسخ البيع فله فسخه بدون رضا الآخر ولو سبق الآخر بالإمضاء . والإمضاء المقرون بالفسخ يقصد به ترك الفسخ : أي لكل منهما أن يفسخه وأن لا يفسخه ; فإنه إذا لم يفسخاه إلى انقضاء المدة لا يقصد به التزام الآخر بالعقد لأن تفسيره بذلك ينافي أن [ ص: 358 ] يكون للآخر الفسخ وهو قد جعل لكل منهما الفسخ . وإن أراد بإمضائه : إمضاءه هو العقد بمعنى إسقاط حقه من الخيار كان ذلك صحيحا ; ولكن إذا سقط خياره لم يسقط خيار الآخر ; ولكن المعنى المعروف في مثل هذه العبارة : أن لكل منهما أن يفسخه وأن لا يفسخه . وإذا لم يفسخه فقد أمضاه . ونظير هذا قوله تعالى { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف } فإن التسريح هو ترك الإمساك ; بحيث لا يحبسها . ولا يحتاج التسريح إلى إحداث طلاق كذلك إمضاء العقد لا يحتاج إلى إحداث إمضاء . والله أعلم .




                الخدمات العلمية