الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (8) قوله: ليطفئوا : في هذه اللام أوجه، أحدها: أنها مزيدة في مفعول الإرادة. قال الزمخشري : أصله: يريدون أن يطفئوا، كما جاء في سورة التوبة. وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة توكيدا له لما فيها من معنى الإرادة في قولك: "جئت لأكرمك" كما زيدت اللام في "لا أبالك" تأكيدا لمعنى الإضافة في "لا أباك". وقال ابن عطية: واللام في "ليطفئوا" لام مؤكدة دخلت على المفعول لأن التقدير: يريدون أن يطفئوا. وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم. تقول: "لزيد ضربت، ولرؤيتك قصدت". انتهى. وهذا ليس مذهب سيبويه وجمهور الناس. ثم قول أبي محمد: "وأكثر ما تلزم" إلى آخره [ ص: 318 ] ليس بظاهر لأنه لا قول بلزومها البتة، بل هي جائزة الزيادة، وليس الأكثر أيضا زيادتها جوازا، بل الأكثر عدمها.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنها لام العلة والمفعول محذوف أي: يريدون إبطال القرآن أو دفع الإسلام أو هلاك الرسول عليه السلام ليطفئوا.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أنها بمعنى "أن" الناصبة، وأنها ناصبة للفعل بنفسها. قال الفراء : "العرب تجعل لام كي في موضع "أن" في أراد وأمر"، وإليه ذهب الكسائي أيضا. وقد تقدم لك نحو من هذا في قوله: يريد الله ليبين لكم في سورة النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: متم نوره قرأ الأخوان وحفص وابن كثير بإضافة "متم" لـ "نوره" والباقون بتنوينه ونصب "نوره" فالإضافة تخفيف، والتنوين هو الأصل. والشيخ ينازع في كونه الأصل وقد تقدم. وقوله: "والله متم" جملة حالية من فاعل "يريدون" أو "يطفئوا" وقوله: "ولو كره" حال من هذه الحال فهما متداخلان. وجواب "لو" محذوف أي: أتمه وأظهره، وكذلك ولو كره الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية