الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1804 [ ص: 182 ] ( 4 ) باب ما جاء في أكل الضب

                                                                                                                        1810 - مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن سليمان بن يسار ; أنه قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونة بنت الحارث ، فإذا ضباب فيها بيض ، ومعه عبد الله بن عباس ، وخالد بن الوليد ، فقال : " من أين لكم هذا ؟ " فقالت : أهدته لي أختي هزيلة بنت الحارث ، فقال لعبد الله بن عباس وخالد بن الوليد : " كلا " فقالا : أولا تأكل أنت يا رسول الله ؟ فقال : " إني تحضرني من الله حاضرة " قالت ميمونة : أنسقيك يا رسول الله من لبن عندنا ؟ فقال : " نعم " فلما شرب قال : " من أين لكم هذا " فقالت : أهدته لي أختي هزيلة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أرأيتك جاريتك التي كنت استأمرتيني في عتقها ، أعطيها أختك ، وصلي بها رحمك ترعى عليها ، فإنه خير لك " .

                                                                                                                        [ ص: 183 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 183 ] 40723 - قال أبو عمر : قد ذكرنا اختلاف ألفاظ رواة " الموطأ " في ألفاظ هذا الحديث في " التمهيد " .

                                                                                                                        40724 - ولم يختلفوا في إسناده ، وكلهم يرسله ، عن سليمان بن يسار .

                                                                                                                        40725 - وما في هذا الحديث من أكل الضب فسيأتي في الحديثين اللذين بعد في هذا الباب ، إن شاء الله عز وجل .

                                                                                                                        40726 - وأما قوله عليه السلام : " فإنه تحضرني من الله حاضرة " ، فهو عندي مفسر لما ذكره ابن شهاب في حديثه المذكور بعد هذا ; قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه " .

                                                                                                                        40727 - وقد روي عن عمر بن الخطاب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قذر الضب ، ولم يأكله .

                                                                                                                        40728 - وقد ذكرنا هذا الحديث بإسناده في " التمهيد " .

                                                                                                                        40729 - وأصح ما يروى من المسند في معنى حديث هذا الباب ; [ ص: 184 ] 40730 - ما حدثنا قاسم بن محمد ، قال : حدثني خالد بن سعد ، قال : حدثني محمد بن فطيس ، قال : حدثني إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثني وهب بن جرير ، قال : حدثني شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أهدت خالتي أم حفيد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطا وسمنا ، وأضبا ، قال : فأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأقط والسمن ، ولم يأكل من الأضب ، وأكل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولو كان حراما ، لم يؤكل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        40731 - قال أبو عمر : وفي هذا الحديث دليل واضح على أن الصدقة على ذي الرحم القريبة ، أفضل من العتق ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أرأيت " .

                                                                                                                        40732 - وكذلك يرويه جماعة من رواة " الموطأ " : " جاريتك التي استأمرتني في عتقها ، أعطيها أختك ، وصلي بها رحمك ، فإنه خير لك " .

                                                                                                                        40733 - وحدثني سعيد ، وعبد الوارث ، قالا : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني محمد ، قال : حدثني أبو بكر ، قال : حدثنا يعلى ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن سليمان بن يسار ، عن ميمونة ، قالت : كانت لي جارية ، فأعتقتها ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي فأخبرته بعتقها ، فقال : " آجرك الله ، أما أنك لو أعطيتها أخوالك ، لكان [ ص: 185 ] أعظم لأجرك " .

                                                                                                                        40734 - ورواه أسد بن موسى ، قال : حدثني أبو معاوية محمد بن خازم ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ميمونة ، أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - خادما ، فأعطاها خادما ، فأعتقتها ، فقال : ما فعلت الخادم ؟ قلت : يا رسول الله أعتقتها ، فقال : " أما أنك لو أعطيتها أخوالك ، لكان أعظم لأجرك " .

                                                                                                                        40735 - قال أبو عمر : فهذان إسنادان عند محمد بن إسحاق لهذا الحديث ، فإن لم يكن كذلك ، فرواية يعلى بن عبيد أولى بالصواب من رواية أبي معاوية ; لشهادة حديث مالك له بذلك ، ولأن أبا معاوية كثير الخطأ جدا فيما يرويه عن المدنيين ، وعن غير الأعمش .

                                                                                                                        40736 - قال : وحدثني عبد الرحمن بن يحيى ، قال : حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم الديلي ، قال : حدثني عبد الحميد بن صبيح ، قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، أن ميمونة أعتقت جارية لها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أفلا أعطيتها أختك الأعرابية " .

                                                                                                                        [ ص: 186 ] 40737 - قال أبو عمر : وهذه الأخت الأعرابية ، هي هذيلة أم حفيد ، المذكورة في حديث مالك ، والله أعلم ، وأخوات ميمونة لأبيها ، وأمها لبابة الكبرى ، ولبابة الصغرى ، وعصماء ، وغراء ، وهذيلة أم حفيد بنات الحارث بن حزن الهلالي ، وأمهن هند بنت عوف الكنانية ، وقيل : الحميرية ، وأخواتهن لأمهن ; أسماء ، وسلمى ، وسلامة الخثعميات ، وهن تسع أخوات ; منهن ست لأب وأم ، وثلاث لأم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية